المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٢٣
الأموال حقيقة لا أثر له في المنع من جواز العقد فالتفاوت حكما أو إلى وهذا لان حكم الربا في خاص من الأموال وجعل الجنسية علة تؤدى إلى تعميم حكم الربا في كل مال فما من مال الا وله جنس فما كانت الجنسية الا نظير المالية ثم لا يجوز جعل المالية علة الربا فكذلك الجنسية وحجتنا في ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ولا يحمل هذا علي النسيئة من الجانبين لان ذلك يستفاد بنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ ولأنه إذا قيل باع فلان بعده بالحيوان نسيئة فإنما يفهم منه النسيئة في البدل خاصة ومطلق الكلام محمول على ما يتفاهمه الناس وتأويل ما رووا من الآثار أنه كان قبل نزول آية الربا وكان ذلك في دار الحرب وعندنا لا يجوز الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب فتجهيز الجيش وإن كان في دار الاسلام تقل الآلات كما لو كان في دار الحرب لعزتها في دار الاسلام يومئذ ولان النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين الجنسية والقدر في أول الحديث ثم. قال (وإذا اختلفا النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون بدا بيد فقد أبقى ربا النساء لبقاء ما هو قريبه وهو الجنس فكان ذلك تنصيصا على ثبوت ربا النساء عند وجود الجنسية) لا نهم متى ثبتت المساواة بين الشيئين بالنص ثم خص جنس أحدهما بحكم كان ذلك تنصيصا علي ذلك الحكم في الآخر كالرجل يقول اجعل زيدا وعمرا في العطية سواء ثم يقول اعط زيدا درهما يكون ذلك تنصيصا على أن يعطى عمرا أيضا درهما ولا يستقيم اعتبار ربا النساء بربا الفضل لاتفاقنا على أن ربا النساء أعم حتى يثبت في بيع الحنطة بالشعير وان كأن لا يثبت ربا الفضل وليس الجنس كالمالية لان جعل المالية علة تؤدى إلى تعميم الربا في البيوع كلها لان البيع لا يجوز الا في مال متقوم والشرع فصل بين البيع والربا فعرفنا أن المالية ليست بعلة فيه وليس في جعل الجنسية علة تعميم الربا في العقود كلها والقياس على أصول تنعدم فيها الجنسية باطل لان انعدام الحكم عند عدم العلة دليل صحة العلة لا دليل فسادها ولان إسلام الشئ في جنسه يؤدى إلى اخلاء العقد عن الفائدة والى أن يكون الشئ الواحد عوضا ومعوضا والى فضل خال عن العوض مستحق بالبيع وذلك باطل بيانه أنه إذا أسلم ثوبا هرويا في ثوب هروي فإنه يلزم تسليم رأس المال في الحال ثم إذا حل لأجل يرد ذلك الثوب بعينه والمقبوض بحكم السلم في حكم عين ما يتناوله العقد فلو جوزنا هذا العقد لم يكن مفيدا شيئا ويكون الثوب الواحد عوضا ومعوضا وإذا أسلم ثوبا هرويا في ثوبين هرويين لو جوزنا
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست