المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٢٩
دارا بماله حمل ومؤنة دينا في ذمته عند أبي حنيفة رحمه الله يشترط بيان مكان الايفاء عندهما يتعين موضع الدار للاستيفاء لا موضع العقد (والرابع) إذا اقتسما دارا وشرط أحدهما علي صاحبه شيئا له حمل ومؤنة فهو على هذا الخلاف ويأتي بيان ذلك في الإجارات والقسمة إن شاء الله تعالى فاما اعلام قدر رأس المال فيما يتعلق العقد على قدره كالمكيل والموزون فشرط السلم عند أبي حنيفة وعندهما ليس بشرط والإشارة إلى عينه تكفى وكذلك إذا كان رأس المال عدديا متقاربا كالفلوس والجوز والبيض وجه قولهما ان المقصود من اعلام القدر القدرة على التسليم وانقطاع المنازعة وذلك حاصل بالإشارة إلى العين فيغنى ذلك عن اعلام القدر كما في الثمن والأجرة وكما في المضاربة لو دفع إليه دراهم غير معلومة المقدار مضاربة بالنصف كان جائزا والدليل عليه أن رأس المال لو كان ثوبا لا يشترط إعلام ذرعانه والذرع في المذروعات للاعلام بمنزلة القدر في المقدرات الا ترى أن في المسلم فيه كما يشترط اعلام القدر يشترط اعلام الذراع إذا كان ثوبا ثم في رأس المال لا يشترط اعلام الذرع في المذروعات لكونه عينا فكذلك لا يشترط اعلام القدر في المقدرات ومذهب أبي حنيفة مروى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ذكره في كتاب الصلح وقول الفقيه من الصحابة رضى الله تعالى عنهما مقدم على القياس والمعنى فيه أن هذا مقدر يتناوله عقد السلم فلا بد من اعلام قدره كالسلم فيه وتحققه أن جهالة قدر رأس المال تؤدى إلى جهالة المسلم فيه لان المسلم إليه ينفق رأس المال شيئا فشيئا وربما يجد بعد ذلك زيوفا فيرده ولا يستند له في مجلس الرد فيبطل العقد بقدر ما ردوا لا لم يكن مقدار رأس المال معلوما لا يعلم في كم انتقض السلم وفى كم بقي وإذا كان مقدار رأس المال معلوما يوزن المردود فيعلم أنه في كم انتقض العقد وما يؤدى إلى جهالة المسلم فيه يجب الاحتراز عنه وإن كان ذلك موهوما ألا ترى أنه لو أسلم في مكيل بمكيال رجل بعينه لا يجوز العقد لأنه يتوهم هلاك ذلك المكيال وهو مخالف لغيره من المكاييل فإذا هلك صار مقدار المسلم فيه مجهولا فكذلك هنا يجب التحرز عن الجهالة بأعلام مقدار رأس المال بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا لان الذرعان في الثوب المعين صفة ولهذا لو اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع فوجده أحد عشر ذراعا تسلم له الزيادة ولو وجده تسعة أذرع لا يحط عنه شيئا من الثمن فالمسلم فيه لا ينقسم على عدد الذرعان فيشترط فيه اعلامه ثم لا يتصور استحاق ذرع بعينه من الثوب وإنما يتصور استحقاق
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست