المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٨
عند الغاصب إنما كان لضعف الطبيعة عن دفع آثار الحمى المتوالية وذلك لا يحصل بأوله الحمى عند الغاصب وان ذلك غير موجب لما كان بعده. وهنا أصل السبب ما كان عند الغاصب لان الحبل يوجب انفصال الولد وانفصال الولد يوجب آلام الولادة فما يحدث به يكون محالا على السبب الأول. بخلاف الجلد لان الزنا يوجب جلدا مؤلما غير جارح ولا متلف ولهذا يختار سوطا لا ثمرة له فلم يكن الهلاك محالا به على السبب الذي كان عند الغاصب وهذا بخلاف الشراء لأن الشراء يوجب تسليم المبيع إلى المشترى على الوجه الذي يتناوله العقد وهو انه مال متقوم وقد وجد ذلك باعتبار ظاهر الحال وهو ان الغالب في الولادة السلامة فإنما علي الغاصب نسخ فعله وذلك في أن يرده كما قبضه ولم يوجد ذلك * ألا ترى أن البائع لو قطع يده ثم باعه وسلمه إلى المشترى فمات من ذلك في يده لم يرجع بجميع الثمن بخلاف الغاصب إذا قطع يدها ثم ردها فماتت من ذلك * ثم على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله هي قد تعيبت في يد الغاصب بعيب الزنا والحبل جميعا * ففي القياس يضمن الغاصب نقصان العيب وهو قول محمد رحمه الله. وفي الاستحسان وهو قول أبى يوسف يضمن أكثرهما ويدخل الأقل في الأكثر. وكذلك عند أبي حنيفة إذا سلمت من الولادة ينظر إلى نقصان الزنا ونقصان الحبل فعليه ضمان أكثرهما ولكن إن كان عيب الحبل أكثر فقد زال ذلك بالولادة فلا يلزمه الا قدر نقصان عيب الزنا وإن كان عيب الزنا أكثر فعليه ضمان ذلك لان عيب الزنا لا ينعدم بالولادة فمحمد رحمه الله اعتبر الحقيقة وهو ان الحبل عيب آخر سوى عيب الزنا لتحقق انفصال كل واحد منهما عن الآخر وأبو يوسف رحمه الله اعتبر اتحاد السبب وقال الحبل هنا حصل بذلك السبب فبحكم اتحاد السبب يدخل الأقل في الأكثر كما في نقصان البكارة مع العقر الواجب بالوطئ فإنه يدخل الأقل في الأكثر لاتحاد السبب فكذلك هنا والله سبحانه وتعالي أعلم كتاب الوديعة (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى إملاء. الايداع عقد جائز عقد جائز لأنه تصرف من المالك في ملكه وقد يحتاج إليه عند إرادة السفر والحاج يحتاج إلى ايداع بعض ماله في كل موضع لينتفع به إذا رجع والمودع مندوب
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست