المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٣
شرب الخمر من المسلمين بعد ما نزل خطاب التحريم قبل علمه به لم يكن معاتبا بذلك كما قال الله تعالى (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) الآية * وكذلك أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد ما نزلت فريضة التوجه إلى الكعبة وجاز ذلك منهم كأن الخطاب غير نازل حين لم يبلغهم فهذا مثله أيضا. وأمر الأنكحة على هذا وليس في هذا توسعة الامر عليهم بل فيه استدراج وترك لهم على الجهل وتمهيد بعقوبة الآخرة والخلود في النار وتحقيق لقول النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. وبهذا تبين فساد ما قال إن اعتقاده لا يكون حجة على المتلف لأنا لا نوجب الضمان باعتبار اعتقاده ولكن يبقى ما كان على ما كان وهو المالية والتقوم * ثم وجوب الضمان بالاتلاف لا يكون به المحل مالا متقوما ولكن شرط سقوط الضمان بالاتلاف انعدام المالية والتقوم في المحل وهذا الشرط لم يثبت في حقهم مع أنا لما ضمنا بعقد الذمة ترك التعرض لهم فقد التزمنا حفظها وحمايتها لهم والعصمة والاحراز تتم بهذا الحفظ ووجوب الضمان بالاتلاف ينبنى على ذلك فكان هذا من ضرورة ما ضمناه بعقد الذمة بخلاف قتل المرتد فانا ما ضمنا لهم ترك التعرض في ذلك لما فيه من الاستخفاف بالدين وكان نظير ذلك من العقود الربا فإنه يتعرض لهم في ابطال عقود الربا بينهم لأنا لم نضمن لهم ترك التعرض لهم في ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الا من أربى فليس بيننا وبينه عهد. وهذا لان ذلك فسق منهم في الاعتقاد ولا ديانة فقد ثبت بالنص حرمة الربا في اعتقادهم قال الله تعالى (وأخذهم الربا وقد نهوا عنه) وكذلك الجواب في موقوذة المجوسي الصحيح ان المسلم يضمنها له بالغصب والاتلاف وهو قول أبى يوسف رحمه الله وقد روى عن محمد رحمه الله بأنه لا يضمنها كالميتة والدم لأنها ليست بمال في اعتقاد أهل الذمة وقد أمرنا ان نبني أحكام المجوس على أحكام أهل الكتاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب الحديث إلا أن هذا ضعيف فانا في حكم الأنكحة اعتبرنا اعتقاد المجوس من غير أن نبني ذلك على اعتقاد أهل الكتاب والعذر عن فضل الميراث بالزوجية بيناه في النكاح انه ليس من ضرورة الحكم بصحة النكاح استحقاق الميراث وهذا كله بخلاف ما لو أتلف متروك التسمية عامدا على شفعوي المذهب لأن ولاية الألزم بالمحاجة والدليل هنا ثابت وقد ثبت لنا بالنص أن متروك التسمية حرام ليس بمال فلهذا لا يعتبر اعتقادهم في ايجاب الضمان (ولو) غصب نصراني من نصراني خمرا فاستهلكها فعليه مثلها
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست