المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٧
أصل الجلد فيعتبر ذلك في ايجاب الضمان * يحقق ما قلنا أن فائدة وجوب الضمان الاستيفاء ولا يستوفى منه قدر مالية الدباغة بالاتفاق وكيف يستوفى منه ما هو واجب له علي غيره * ولو ظفر صاحب الحق بجنس حقه فاستهلكه لم يغرم شيئا فإذا ظفر بعين حقه فاستهلكه أولى أن لا يضمن شيئا فإذا تعذر ايجاب هذا القدر عليه انفصل أصل الجلد عن صفة الدباغة حكما فيعتبر بما لو كان منفصلا حقيقة فلا يجب عليه ضمان قيمة الجلد وهما قد اعتبرا هذا حتى قالا لا يكون له أن يضمنه قيمة الجلد غير مدبوغ (ولو) غصب من رجل عينا فقال المغصوب منه للغاصب أبرأتك عن الغصب ثم هلك في يده الغاصب لم يضمن شيئا في قول علمائنا رحمهم الله. وقال زفر هو ضامن للقيمة لان الابراء عن العين لغو فان الابراء اسقاط والعين ليست بمحل له إذ لا تسقط حقيقة ولا يسقط ملك المالك عنها أيضا وإضافة التصرف إلى غير محله لغو. ولكنا نقول قوله أبرأتك عن الغصب أي عما وجب لي عليك بسبب الغصب بمنزلة ابراء المجني عليه الجاني عن الجناية وابراء المشترى البائع عن العيب والواجب له بسبب الغصب رد العين عند قيامه ورد القيمة عند هلاكه وذلك قابل للاسقاط فيسقط عنه وإذا سقط عنه ذلك بقي العين أمانة في يده كالوديعة ولأنه لو أبرأه بعد تقرر الضمان عليه بالهلاك صح الابراء فكذلك إذا أبرأه بعد تقرر السبب (ولو) غصب جارية فحبلت عند الغاصب ثم ردها فولدت ثم هلكت بالولادة يجب عند أبي حنيفة رحمه الله على الغاصب ضمان قيمتها وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تقوم حاملا وغير حامل فيكون على الغاصب ضمان النقصان لان الرد قد صح مع الحبل ولكنها معيبة بعيب الحبل وذلك موجب ضمان النقصان عليه فاما هلاكها بسبب الآلام الحادثة بعد الرد وهو الطلق فلا يبطل به حكم الرد كما لو حمت الجارية عند الغاصب ثم ردها فهلكت أو زنت عند الغاصب ثم ردها فجلدت وماتت من ذلك لم يضمن الغاصب الا نقصان عيب الزنا * وكذلك المبيعة إذا سلمها إلى المشترى وهي حبلى فماتت في الولادة لم يرجع المشترى على البائع بجميع الثمن بالاتفاق وأبو حنيفة رحمه الله يقول الواجب على الغاصب نسخ فعله بالرد ولم يوجد ذلك حين ردها لا على الوجه الذي قبضها ولما هلكت بالسبب الذي كان عند الغاصب يجعل في الحكم كأنها هلكت عند الغاصب كما لو جنت عند الغاصب ثم ردها فدفعت في الجناية فإنه يضمن قيمتها ويجعل كأنه لم يردها أصلا بخلاف الحمى لان الهلاك لم يكن بالسبب الذي كان
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست