المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١١٢
اما لبقاء ملك المودع كما في الباقي بعد الخلط في احدى الروايتين أو لبقاء حقه على ما قلنا والربح الحاصل بكسب خبيث سبيله التصدق به ولان المودع عند البيع يخبر المشترى أنه يبيع ملكه وحقه وهو كاذب في ذلك والكذب في التجارة يوجب الصدقة بدليل حديث قيس بن عروة الكناني قال كنا نتبايع في الأسواق بالأوساق ونسمى أنفسنا السماسرة فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمانا بأحسن الأسماء وقال يا معشر التجار ان تجارتكم هذه يحضرها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة فعملنا بالحديث في ايجاب التصدق بالفضل وهذا إذا كانت الوديعة شيئا يباع فإن كانت دراهم فالدراهم يشترى بها ثم ينظر ان اشترى بها بعينها ونقدها لا يطيب له الفصل أيضا وان اشترى بها ونقد غيرها أو اشترى بدارهم مطلقة ثم نقدها يطيب له الربح هنا لان الدراهم لا تتعين بنفس العقد ما لم ينضم إليه التسليم ولهذا لو أراد أن يسلم غيرها كان له ذلك فأما بالقبض يتعين نوع تعين ولهذا لا يملك استرداد المقبوض من البائع ليعطيه مثلها فلهذا قلنا إذا استعان في العقد والنقد جميعا بالدراهم الوديعة أو المغصوبة لا يطيب له الفضل وكذلك إن اشترى بها مأكولا ونقدها لم يحل له أن يأكل ذلك قبل أداء الضمان ولو اشترى بدراهم مطلقة ثم نقد تلك الدراهم حل له أن ينتفع بها * وفي النوادر لو اشترى دينارا بعشرة دراهم ونقد الدراهم المغصوبة لم يحل له ان ينتفع بالدينار ما لم يؤد الضمان لان صاحب الدراهم إذا استحق دراهمه فسد العقد ووجب عليه رد الدينار فكانت كالمقبوض بحكم عقد فاسد بخلاف ما لو نقدها في ثمن الطعام لأنه بالاستحقاق هناك لا يبطل الشراء بل يبقى الثمن دينا في ذمته كما كان * وعلى هذا قالوا لو غصب ثوبا واشترى به جارية لم يحل له أن يطأها لأنه لو استحق الثوب لزمه رد الجارية * ولو تزوج بالثوب المغصوب امرأة حل له أن يطأها لان المغصوب منه إذا استحق الثوب لا يبطل النكاح ولا التسمية (فان) كان أخذ بعض الوديعة لينفقه في حاجته ثم بدا له فرده إلى موضعه ثم ضاعت الوديعة فلا ضمان عليه لان رفعه حفظ فلا يكون موجبا للضمان عليه * بقي مجرد نية الانفاق في حاجته وبمجرد النية لا يصير ضامنا كما لو نوى أن يغصب مال انسان وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى تجاوز لامتي عما حدثت به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا والعراقيون يقولون كاد ولما أي كاد يعصى فعصم والمعصوم لا يعاقب بعقوبة من عصى. ولئن صار ضامنا بأرفع فقد عاد إلي الوفاق برد العين إلي مكانه وذلك يبرئه عن الضمان عندنا علي ما نبينه بخلاف
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست