المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٤٩
اخوته ولم أوقف على أبيه شيئا لان المسلم لا يرث الكافر فسبب حرمانه متيقن والله أعلم كتاب الغصب (قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة السرخسي إملاء) (اعلم) بان الاغتصاب أخذ مال الغير بما هو عدوان من الأسباب واللفظ مستعمل لغة في كل باب مالا كان المأخوذ أو غير مال. يقال غصبت زوجة فلان وولده ولكن في الشرع تمام حكم الغصب يختص بكون المأخوذ مالا متقوما. ثم هو فعل محرم لأنه عدوان وظلم وقد تأكدت حرمته في الشرع بالكتاب والسنة. أما الكتاب فقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقال تعالي (ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل ما امرئ مسلم الا بطيبة نفس منه وقال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسق وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة نفسه وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته ألا إن دماءكم واعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومى هذا في شهري هذا في مقامي هذا (فثبت) أن الفعل عدوان محرم في المال كهو في النفس ولهذا يتعلق به المأثم في الآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم من غصب شبرا من ارض طوقه الله تعالى يوم القيامة من سبع أرضين الا ان المأثم عند قصد الفاعل مع العلم به. فأما إذا كان مخطئا بان ظن المأخوذ ماله أو كان جاهلا بأن اشترى عينا ثم ظهر استحقاقه لم يكن آثما لقوله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان والمراد المأثم فأما حكمه في الدنيا فثابت سواء كان آثما فيه أو غير آثم لان ثبوت ذلك لحق صاحبه وحقه مرعى وانى الآخذ معذور شرعا لجهله وعدم قصده والحكم الأصلي الثابت بالغصب وجوب رد العين على المالك بقوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترد. وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل لاحد أن يأخذ متاع أخيه لا عبا ولا جادا فان أخذه فليرده عليه وقال صلى الله عليه وسلم من وجد عين ماله فهو أحق به. ومن ضرورة كونه أحق بالعين وجوب الرد على الآخذ والمعنى فيه أنه مفوت عليه يده بالأخذ واليد لصاحب المال في ماله مقصود به يتوصل إلى التصرف والانتفاع ويحصل ثمرات لملك فعلى المفوت بطريق العدوان نسخ فعله ليندفع به الضرر والخسران عن صاحبه. وأثم
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست