المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٣٨
في الابتداء انه إذا راجعها ولم يعلمها لا يثبت حكم الرجعة في حقها ما لم تعلم حتى إذا اعتدت وتزوجت ودخل بها الثاني لم يبق للأول عليها سبيل لدفع الضرر عنها ثم رجع إلى قول علي رضي الله عنه أن مراجعته إياها صحيح بغير علمها وهي منكوحة سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل لان الزوج يستبد بالرجعة كما يستبد بالطلاق فكما يصح إيقاع الطلاق عليها وإن لم تعلم به فكذلك رجعتها لقوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك وإنما يكون أحق إذا كان يستبد به. والرجعة إمساك بالنص كما قال الله تعالى فإمساك بمعروف والمالك ينفرد بإمساك ملكه من غير أن يحتاج إلى علم غيره قال (وإذا فقد الرجل فارتفع ورثته إلى القاضي وأقروا انه فقد وسألوا قسمة ماله فإنه لا يقسم حتى تقوم البينة على موته) لما بينا انه حي في حق نفسه ومال الحي لا يقسم بين ورثته فما لم يثبت موته بالبينة عند القاضي لا يشتغل بقسمة ماله (فان قيل) كيف تقبل البينة للقضاء بها على الغائب (قلنا) بأن يجعل من في يده المال خصما عنه أو ينصب عنه قيما في هذه الولاية وإذا قامت البينة علي من ينصبه القاضي فيما قضى بموته (فان قيل) كان ينبغي أن يجعله ميتا حكما لانقطاع خبره فيقسم ماله وإن لم تقم البينة على موته كالمرتد اللاحق بدار الحرب (قلنا) هناك ظهر دليل الحكم بموته وهو انه صار حربيا وأهل الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت ولم يظهر هنا دليل موجب لموته حقيقة ولا حكما ولان هناك لو ظفر به الامام موته حقيقة بان يقتله فإذا عجز عن ذلك بدخوله دار الحرب موته حكما فقسم ماله ولا يتحقق ذلك المعنى هنا قال (وتفسير المفقود الرجل يخرج في سفر ولا يعرف موته ولا حياته ولا موضعه ولا يأسره العدو ولا يستبين موته ولا قتله) فهذا مفقود لا يقضى القاضي في شئ من أمره حتى تقوم البينة انه مات أو قتل ومن كان من ورثة المفقود غنيا فلا نفقة له في ماله ما خلا الزوجة لان حياته معلوم ولا يستحق أحد من الأغنياء النفقة في مال الحي سوى الزوجة لان استحقاق الزوجة بالعقد فلا يختلف باليسار والعسرة أو بكونها محبوسة بحقه وذلك موجود في حمق المفقود فأما استحقاق من سواها فباعتبار الحاجة وذلك ينعدم بغنى المستحق فإن كانت له غلة جعل القاضي فيها من يحفظها لأنه ناظر لكل من عجز عن النظر لنفسه والمفقود عاجز عن النظر لنفسه فينصب القاضي في غلاته من يجمعها ويحفظها عليه وما كان يخاف عليه الفساد من متاعه فان القاضي يبيعه لان حفظ عينه عليه متعذر فيصير إلى حفظ
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست