المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٤٣
الزوجة لا تصير دينا إلا بضاء القاضي وليس للقاضي أن يوجه القضاء على الغائب فيلزمه بقضائه شيئا من غير خصم عنه وهذا إذا كان النكاح معلوما له وان أرادت اثبات النكاح بالبينة لم يسمع القاضي بينتها عندنا لان البينة لا تكون حجة الأعلى خصم جاحد فما لم يحضر هو أو خصم عنه لا يسمع القاضي بينها عليه بالنكاح وعلى قول زفر تسمع البينة ويأمرها بأن تستدين وتنفق على نفسها فإذا حضر الزوج كلفها إعادة البينة عليه فان أعادت قضي على الزوج بما أنفقت في المدة الماضية وإن لم تعد البينة على الزوج لم يقض عليه بشئ وهذا منه نوع احتياط في حق الحاضر والغائب جميعا (وإذا) أجر المفقود شيئا قبل أن يفقد لم تنتقض الإجارة بعدما يصير مفقودا لأنه حي في ابقاء ما كان علي ما كان ولا يبرأ المستأجر بدفع الأجرة إلى زوجته وولده إلا أن يأمره القاضي بذلك كما في سائر الديون (وإذا) فقد الرجل بصفين أو بالجمل ثم اختصم ورثته في ماله اليوم فان هذا قد مات ألا ترى أنه لم يبق أحد أدرك ذلك الزمان فإذا بلغ المفقود هذه المدة فهو ميت يقسم ماله بين ورثته (والجمل) حرب كان بين على وعائشة وطلحة والزبير بالبصرة رضوان الله عليهم أجمعين (وصفين) كان بين على معاوية رضي الله عنهما وبين أهل الشام ومن ذلك الوقت إلى وقت تصنيف هذا الكتاب كان أكثر من مائة وعشرين سنة والرجل الذي فقد في ذلك الوقت كان ابن عشرين سنة أو أكثر لأنه خرج محاربا ولا شك انه لا يبقى في مثل هذا المدة الطويلة ظاهرا. فإن كان له ابن مات زمان خالد بن عبد الله وترك أخا لامه وللمفقود عصبة فانى أنظر إلى سن المفقود يوم مات الابن فإن كان مثله يعيش إلى ذلك الوقت لم أورث الابن منه شيئا لبقائه حيا بطريق الظاهر واستصحاب الحال ولم أورثه من أبيه أيضا لان بقاء الوارث بعد موت المورث شرط لوراثته عنه فان الوارثة خلافة والحي يخلف الميت فأما الميت فلا يخلف الميت وما كان شرطا فما لم يثبت بدليل موجب له لا يثبت الحكم واستصحاب الحال دليل يبقى لا موجب فلهذا لا يرث المفقود من أبيه ثم يكون ميراث المفقود لعصبته الحي بعدما يمضي من المدة مالا يعيش مثله إليه وإن كان مثله لا يعيش إلى مثل تلك المدة حين مات ابنه جعلت الميراث لا بنه لان حياته بعد موت أبيه معلوم هنا بدليل شرعي فإذا صار مال المفقود ميراثا له كان ذلك موروثا عن ابنه بعد موته كسائر أمواله لأخيه لامه منه السدس والباقي لعصبته وإن كان مات بعض من يرثه المفقود قبل هذا فنصيبه من الميراث يوقف إلي أن
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست