المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠٦
غيره كان للمغصوب منه ان يضمن المستهلك ويعطى الغاصب وما زاد الدباغ فيه (والثاني) وهو انه لما بقي الجلد مضمون الرد عليه وإذا تعذر رد عينها باستهلاكه بحب عليه رد قيمته لأنه بالاستهلاك فوت ما كان مستحقا عليه والتفويت موجب للضمان وبه فارق ما لو هلك في يده فان التفويت منه لم يوجد وهو نظير المستعار إذا فوت المستعير رده بالاستهلاك ضمن قيمته بخلاف ما إذا فات بغير صنعه * وكذلك لو دبغه بشئ لا قيمة له أو جعل الخمر خلا فلا يضمن إذا فوت الرد بالاستهلاك ولا يضمن إذا هلك في يده * وحجة أبي حنيفة رحمه الله في ذلك أن المغصوب منه استفاد المالية والتقوم في هذا الجلد من الغاصب ببدل استوجبه الغاصب عليه فلا يكون له ان يضمنه شيئا بعد استهلاكه كما لو استهلاك البائع المبيع قبل التسليم * وتقريره من وجهين (أحدهما) أن الاستهلاك غير موجب للضمان عليه باعتبار ما زاد الدباغ فهي لان ذلك كان مملوكا له قبل الاتصال بالجلد وبعد الاتصال بقي حقا له حتى كان له أن يحبسه ليستوفى بدله والجلد بدون هذا الوصف لا يكون مضمونا عليه بالاستهلاك كما لو استهلكه قبل الدباغ وبه فارق الثوب فان الاستهلاك فيه بدون صفة الصبغ موجب للضمان وبه فارق ما إذا دبغه بشئ لا قيمة له لان الصنعة ما بقيت حقا للغاصب بعد الاتصال بالجلد ولهذا لا يحبسه ولا يرجع ببدله وكذلك الخمر إذا خلله (والثاني) أن ما اتصل بالجلد من الصفة هنا مال متقوم للغاصب حقيقة وحكما وهو قائم من كل وجه وقد كان مالا قبل الاتصال بالجلد وبقي بعده كذلك وأما أصل الجلد لم يكن مالا متقوما قبل الدباغ وما كان مالا بنفسه ومتصلا بغيره يترجح على ما لم يكن مالا قبل الاتصال وإنما صار مالا بالاتصال فتكون العبرة للراجح واستهلاكه فيه غير موجب للضمان بخلاف الثوب لان الأصل هناك كان مالا قبل الاتصال وإنما صار مالا بالاتصال ولما استويا في صفة المالية رجحنا ما هو الأصل. وإذا دبغه بشئ لا قيمة له فالوصف هنا ليس بمال قبل الاتصال ولا بعده والأصل مال بعد الاتصال فرجحنا جانب الأصل لهذا ولا يقال في حال بقاء الجلد رجحنا حق صاحب الأصل حتى مكناه من أخذه. ويملك الوصف على الغاصب بعوض وهذا لان أخذ العين كان باعتبار الملك دون المالية والتقوم ولهذا كان متمكنا من استرداده قبل الدباغ وفي حكم الملك الأصل مرجح لأنه كان مملوكا قائما بنفسه قبل الاتصال وبعده فأما وجوب الضمان عند الاستهلاك باعتبار صفة المالية والتقوم وصفة الدباغ في معنى المالية والتقوم يترجح علي
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست