المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٩٠
أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى حتى يظهر المسلمون على الدار أو يخرج مراغما لمولاه لأنه كان قاهرا له في دارنا حكما بعقد الأمان وفى دار الحرب حسا بقوته فيبقى مملوكا له حتى يصير العبد قاهرا له وذلك بخروجه مراغما أو ظهور المسلمين عليه الا ترى أنه لو كان في دار الحرب حين أسلم عبده لم يعتق الا بأحد هذين الوجهين فكذلك إذا أدخله دار الحرب وقد بينا طريق أبي حنيفة رحمه الله لهذه المسألة في كتاب العتاق وفيه طريق آخر نذكره ههنا وهو انه حين انتهي به إلى آخر جزء من أجزاء دار الاسلام فقد ارتفع حكم الأمان الذي بيننا وبينه وبقاء ملكه بعد اسلام العبد كان بحكم الأمان فإذا ارتفع زال ذلك الملك وحصل العبد في يد نفسه فيعتق وهي يد محترمة فتكون دافعة لقهره وان أدخله دار الحرب فلا يثبت له باعتبار هذا القهر الملك في دار الحرب (فان قيل) بارتفاع الأمان زال صفة الحظر لا أصل الملك كمن أباح لغيره شيئا لا يزول أصل ملكه به فملكه المباح في دار الحرب ابقاء ما كان من الملك لا اثبات ملك له فيه ابتداء (قلنا) ما كان ملكه بعد اسلام العبد في دار الاسلام الا باعتبار صفة الحظر فإنه لو لم يكن مستأمنا لكان العبد قاهرا له في دار الاسلام وكان حرا فإذا زال الحظر بزوال الأمان زال أصل الملك (قال) ألا ترى أنه في دار الحرب لو قتل مولاه وأخذ ماله وخرج الينا كان حرا وكان ما خرج به من المال له وهذا إشارة إلى ما بينا أنه ظهرت يده في نفسه وهي يد محترمة وكذلك لو كان هذا العبد الذي اشتراه وأدخله ذميا لان للذمي يدا محترمة في نفسه كما للمسلم ولو أسلم عبد الحربي في دار الحرب ثم ظهر المسلمون على الدار فالعبد حر لاحرازه نفسه بمنعة المسلمين وان أسلم مولاه قبل أن يظهر المسلمون عليه فهو عبد له على حاله لان بالاسلام العبد لم يزل ملكه عنه ومن أسلم على مال فهو له ولو كان حين أسلم عبده باعه من مسلم أو ذمي أو حربي فهو حر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان العبد المسلم متي زال ملك الحربي عنه يزول إلى العتق كما لو خرج مراغما وكان أبو بكر الرازي يقول بمجرد البيع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يعتق ما لم يخرجه من يده بالتسليم فإذا أخرجه ثم زال قهره عنه فحينئذ يعتق ولا يثبت عليه قهر المشترى لأنه مسلم في يد نفسه ويده دافعة للقهر عنه سواء كان من مسلم أو ذمي أو حربي وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يعتق لان ملك المشتري ويده كملك البائع ويده وقبل البيع كان مملوكا للبائع باعتبار يده فكذلك بعد البيع وقد بينا هذه
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست