المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٠
بشر العباس رضي الله عنه بانتقال الخلافة إلى أولاده بعده وقال من علاماتهم لبس السواد والكفار لا يلبسون السواد فان أمكن التمييز بشئ من هذه العلامة وجب المصير إليها كما إذا أمكن معرفة جهة القبلة بشئ من العلامات وجب المصير إليها عند الاشتباه ومن المختلط الذي هو منفصل الاجزاء مسألة الثياب إذا كان في بعضها نجاسة كثيرة وليس معه ثوب غير هذه الثياب ولا ما يغسلها به ولا يعرف الطاهر من النجس فإنه يتحرى ويصلى في الذي يقع تحريه أنه طاهر سواء كانت الغلبة للثياب النجسة أو للثياب الطاهرة أو كانا متساويين بخلاف مسألة المساليخ وعند التأمل لان فرق لان هناك يجوز له التحري عند الضرورة أيضا والضرورة هنا قد تحققت لأنه لا يجد بدا من ستر العورة في الصلاة ولا ثوب معه سوى هذه الثياب فجوزنا له التحري للضرورة ثم الفرق ان عين الثوب ليس بنجس ولا يلزمه الاجتناب عنه بل له ان يلبسه لغير الصلاة وإن كان نجسا فإذا لم تكن النجاسة صفة العين كان له ان يلبس أي هذه الثياب شاء في غير الصلاة فإنما يتحرى لما هو من شرائط الصلاة على الخصوص وهو طهارة الثوب فكان هذا والتحري لاستقبال القبلة سواء بخلاف المساليخ فان الميتة محرمة العين فإذا كانت الغلبة للحرام كان بمنزلة ما لو كان الكل حراما في وجوب الاجتناب عنه والى نحو هذا أشار في الكتاب وقال لان الثياب لو كانت كلها نجسة لكان عليه ان يصلى في بعضها ثم لا يعيد الصلاة معناه ليس عليه الاجتناب عن لبس الثوب النجس في هذه الحالة فلأن يكون له أن يتحرى وإصابة الطاهر بتحريه مأمول أولى وفى المساليخ في حالة الاختيار عليه الاجتناب عن الحرام فإذا كانت الغلبة للحرام كان عليه الاجتناب أيضا وإذا وقع تحريه في ثوبين على أحدهما انه هو الطاهر فصلى فيه الظهر ثم وقع في أكبر رأيه علي الآخر انه هو الطاهر فصلى فيه العصر لا يجوز لأنا حين حكمنا بجواز الظهر فيه حكمنا بان الطاهر ذلك الثوب ومن ضرورته الحكم بنجاسة الثوب الآخر فلا يعتبر أكبر رأيه بعد ما جري الحكم بخلافه وهذا بخلاف أمر القبلة فإنه إذا صلى الظهر إلى جهة ثم تحول رأيه إلى جهة أخرى فصلى العصر أجزأه لان هناك ليس من ضرورة الحكم بجواز الظهر الحكم بأن تلك الجهة هي جهة الكعبة ألا ترى أنه وان تبين الخطأ جازت صلاته فكان تحريه عند العصر إلى جهة أخرى مصادفا محله وهنا من ضرورة الحكم بجواز الظهر الحكم بان الطاهر ذلك الثوب ألا ترى أنه لو تبينت النجاسة فيه تلزمه الإعادة يوضحه ان الصلاة إلى
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست