المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٥٧
يستحلف البائع لتجرد شهادتهن عن مؤبد؟ فإذا انضم نكول البائع إلى شهادتهن ردت عليه وإن لم يجدوا امرأة تداوى تلك القرحة ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك إذا علمت وخافوا أن تهلك أو يصيبها بلاء أو وجع لا تحتمله فلا بأس ان يستروا منها كل شئ الا موضع تلك القرحة ثم يداويها رجل ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع لان نظر الجنس إلى غير الجنس أغلظ فيعتبر فيه تحقق الضرورة وذلك لخوف الهلاك عليها وعند ذلك لا يباح الا بقدر ما ترتفع الضرورة به وذوات المحارم وغيرهم في هذا سواء لان النظر إلى موضع العورة لا يحل بسبب المحرمية فكان المحرم وغير المحرم فيه سواء (قال) والعبد فيما ينظر من سيدته كالحر الأجنبي معناه أنه لا يحل له أن ينظر الا إلى وجهها وكفيها عندنا وقال مالك نظره إليها كنظر الرجل إلى ذوات محارمه لقوله تعالى أو ما ملكت أيمانهن ولا يجوز أن يحمل ذلك على الإماء لان ذلك دخل في قوله تعالى أو نسائهن ولان هذا مما لا يشكل لان للأمة أن تنظر إلى مولاتها كما للأجنبيات فإنما بحمل البيان على موضع الاشكال وعن أم سلمة انه كان لها مكاتب فلما انتهى إلى آخر النجوم قالت له أتقدر على الأداء فقال نعم فاحتجبت وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا كان لإحداكن مكاتب فأدى آخر النجوم فلتحتجب منه والمعنى فيه أن بينهما سبب محرم للنكاح ابتداء وبقاء فكان بمنزلة المحرمية بينهما وإباحة النظر عند المحرمية لأجل الحاجة وهو دخول البعض على البعض من غير استئذان ولا حشمة وهذا يتحقق فيما بين العبد ومولا به؟
(حجتنا) في ذلك ما روى عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير رضي الله عنهما قالا لا يغرنكم سورة النور فإنها في الإناث دون الذكور ومرادهما قوله تعالى أو ما ملكت أيمانهن والموضع موضع الاشكال لان حال الأمة يقرب من حال الرجل حتى تسافر بغير محرم فكان يشكل أنه هل يباح لها الكشف بين يدي أمتها ولم يزل هذا الاشكال بقوله تعالى أو نسائهن لان مطلق هذا اللفظ يتناول الحرائر دون الإماء والمعني فيه أنه ليس بينهما زوجية ولا محرمية وحل النظر إلى مواضع الزينة الباطنة ينبني على هذا السبب وحرمة المناكحة التي بينهما بعارض على شرف الزوال فكانت في حقه بمنزلة منكوحة الغير أو معتدته ولان وجوب الستر عليها وحرمة الخلوة بالرجل لمعنى خوف الفتنة وذلك موجود ههنا وإنما ينعدم بالمحرمية لان الحرمة المؤبدة تقلل الشهوة فأما الملك لا يقلل الشهوة بل يحملها
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست