المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١١٠
على ظاهره فالتبديل يتحقق من الكافر إذا أسلم فعرفنا أنه عام لحقه خصوص فنخصه ونحمله على الرجال بدليل ما ذكرنا والمرتدة التي قتلت كانت مقاتلة فان أم مروان كانت تقاتل وتحرض علي القتال وكانت مطاعة فيهم وأم قرفة كان لها ثلاثون ابنا وكانت تحرضهم على قتال المسلمين ففي قتلها كسر شوكتهم ويحتمل أنه كان ذلك من الصديق رضي الله عنه بطريق المصلحة والسياسة كما أمر بقطع يد النساء اللاتي ضربن الدف لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاظهار الشماتة والمعنى فيه أنها كافرة فلا تقتل كالأصلية وهذا لان القتل ليس بجزاء على الردة بل هو مستحق باعتبار الاصرار على الكفر ألا ترى أنه لو أسلم يسقط لانعدام الاصرار وما يكون مستحقا جزاء لا يسقط بالتوبة كالحدود فإنه بعدما ظهر سببها عند الامام لا تسقط بالتوبة وحد قطاع الطريق لا يسقط بالتوبة بل توبته برد المال قبل أن يقدر عليه فلا يظهر السبب عند الامام بعد ذلك يقرره ان تبديل الدين وأصل الكفر من أعظم الجنايات ولكنها بين العبد وبين ربه فالجزاء عليها مؤخر إلي دار الجزاء وما عجل في الدنيا سياسات مشروعة لمصالح تعود إلى العباد كالقصاص لصيانة النفوس وحد الزنا لصيانة الأنساب والفرش وحد السرقة لصيانة الأموال وحد القذف لصيانة الاعراض وحد الخمر لصيانة العقول وبالاصرار على الكفر يكون محاربا للمسلمين فيقتل لدفع المحاربة إلا أن الله تعالى نص علي العلة في بعض المواضع بقوله تعالى فان قاتلوكم فاقتلوهم وعلى السبب الداعي إلى العلة في بعض المواضع وهو الشرك فإذا ثبت أن القتل باعتبار المحاربة وليس للمرأة بنية صالحة للمحاربة فلا تقتل في الكفر الأصلي ولا في الكفر الطارئ ولكنها تحبس فالحبس مشروع في حقها في الكفر الأصلي فإنها تسترق والاسترقاق حبس نفسها عنها ثم الحبس مشروع في حق كل من رجع عما أقربه كما في سائر الحقوق وليس ذلك باعتبار الكفر ولا باعتبار المحاربة وما يدعى من تغلظ الجناية لا يقوي فالرجوع عن الاقرار والاصرار على الانكار بعد قيام الحجة في الجناية سواء مع أن الجناية في الاصرار أغلظ من وجه لأنه بعد الردة لا يقر علي ما اعتقده والشئ قبل تقرره يكون أضعف منه بعد تقرره ولو سلمنا تغلظ الجناية فإنما يعتبر بمن يغلظ جنايتها في الكفر الأصلي المشركة العربية فكما لا تقتل تلك فكذلك لا تقتل هذه وإذا كانت مقاتلة أو ملكة أو ساحرة فقتلها الدفع وبدون القتل ههنا يحصل المقصود إذا حبست وأجبرت كما بينا على الاسلام وأما الرق لا يمنع القتل في
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست