المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٠٩
فمن شهد منكم الشهر فليصمه وتبين ان الموجب للقتل تبديل الدين لان مثل هذا في لسان صاحب الشرع لبيان العلة وقد تحقق تبديل الدين منها وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مرتدة يقال لها أم مروان وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قتل مرتدة يقال لها أم فرقة ولأنها اعتقدت دينا باطلا بعدما اعترفت ببطلانه فتقتل كالرجل وهذا لان القتل جزاء على الردة لان الرجوع عن الاقرار بالحق من أعظم الجرائم ولهذا كان قتل المرتد من خالص حق الله تعالى وما يكون من خالص حق الله فهو جزاء وفى أجزية الجرائم الرجال والنساء سواء كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر وبهذا تبين أن الجناية بالردة أغلظ من الجناية بالكفر الأصلي فان الانكار بعد الاقرار أغلظ من الاصرار في الابتداء على الانكار كما في سائر الحقوق وبأن كانت لا تقتل إذا لم تتغلظ جنايتها فذلك لا يدل على أنها لا تقتل إذا تغلظت جنايتها ثم في الكفر الأصلي إذا تغلظت جنايتها بأن كانت مقاتلة أو ساحرة أو ملكة تحرض على القتال تقتل فكذلك بعد الردة والدليل عليه انها تحبس وتعزر وتجبر على الاسلام بعد الردة ولا يفعل ذلك بها في الكفر الأصلي وكذلك الشيوخ وأصحاب الصوامع والرهبان يقتلون بعد الردة ولا يقتلون في الكفر الأصلي وذوو الاعذار كالأعمى والزمن كذلك وكذلك الرق في الكفر الأصلي يمنع القتل وهو ما إذا استرق الأسير وفى الردة لا يمنع ثم في الكفر الأصلي لا تسلم لها نفسها حتى تسترق لينتفع المسلمون بها فكذلك بعد الردة وبالاتفاق لا تسترق في دار الاسلام فقلنا إنها تقتل (وحجتنا) في ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء وفيه حديثان أحدهما ما رواه رباح بن ربيعة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بعض الغزوات قوما مجتمعين على شئ فسأل عن ذلك فقالوا ينظرون إلى امرأة مقتولة فقال لواحد أدرك خالدا وقل له لا يقتلن عسيفا ولا ذرية والثاني حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال من قتل هذه قال رجل أنا يا رسول الله أردفتها خلفي فأهوت إلى سيفي لتقتلني فقتلتها فقال ما شأن قتل النساء وارها ولا تعدو لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة امرأة مقتولة فقال ها ما كانت هذه تقاتل ففي هذا بيان أن استحقاق القتل بعلة القتال وأن النساء لا يقتلن لأنهن لا يقاتلن وفى هذا لا فرق بين الكفر الأصلي وبين الكفر الطارئ وما روى من الحديث غير مجرى
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست