حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٣ - الصفحة ١٧٦
وفسخ البيع والذي اقتصر عليه في المدونة الأول ومشى عليه المصنف هنا، ونص المدونة آخر البيوع الفاسدة ومن اشترى سلعة على أنه إن لم ينقد ثمنها إلى ثلاثة أيام وفي موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع بينهما فلا يعجبني أن يعقدا على هذا. فإن نزل ذلك جاز البيع وبطل الشرط وغرم الثمن ا ه‍. فدل كلامها على أن البيع انعقد على هذا الشرط لا قبله فقول عبق إذ البيع بينهما انعقد قبل ذلك ليس مراده أن الشرط وقع بعد انعقاد البيع كما يوهمه بل مراده أن البيع انعقد على ذلك الشرط قبل مجئ الاجل.
قوله: (ويكون الثمن الخ) قال عياض على هذا حمل أكثرهم المدونة وإن كان ظاهرها أن المشتري يجبر على نقد الثمن في الحال. والحاصل أن الثمن يكون مؤجلا للأجل المذكور فلا يطالب المشتري به قبل الاجل فإذا جاء الاجل ولم يأت به طولب به ولا يفسخ البيع إذا لم يأت به فيه. قوله: (وصح بيع ثمر) أي جزافا. وحاصل ما ذكره المصنف أن الثمار أي الفواكه والحبوب والبقول لا يصح بيعها إلا إذا بدا صلاحها أو بيعت مع أصلحها أو ألحقت بأصلها المبيع أولا أو بيعت على الجذ بقرب إن نفع واحتيج له ولم يكثر ذلك بين الناس وإن تخلف شرط من هذه الثلاثة منع بيعه على الجذ كما يمنع بيعه على التبقية أو الاطلاق. قوله: (بدا صلاحه) بلا همز لأنه من البدو بمعنى الظهور لا من البدء وإنما عبر المصنف بالصحة ليعلم بالصراحة عدم الصحة في المفهوم أو المخرج ولو عبر بالجواز لم يستفد منه ذلك صراحة وإن كان الأصل فيما يمتنع الفساد. قوله: (بيبس حب) أي وزهو بلح وحصول الحلاوة في غيره من الثمار. قوله: (إن لم يستتر) أي كالبلح والتين والخوخ والعنب والفجل والكرات والجزر والبصل. وحاصل ما ذكره الشارح أنه إن استتر بغلافه ولم يكن له ورق كالقمح في سنبله لا يجوز بيعه وحده جزافا ويجوز كيلا وأما بيعه بقشره أي تبنه فيجوز جزافا وأولى كيلا والفرض أنه بدا صلاحه وأما لو استتر بورقه كالفول فلا يجوز بيعه جزافا لا منفردا ولا مع تبنه ويجوز كيلا.
والحاصل أن ما ليس مستترا في أكمامه ولا في ورقه يجوز بيعه جزافا وأولى على الوزن وما استتر في أكمامه إن بيع وحده يمنع بيعه جزافا ويجوز كيلا وإن بيع مع تبنه جاز جزافا وكيلا وما استتر بورقه يمنع بيعه جزافا بيع وحده أو مع تبنه وجاز كيلا. قوله: (ويصح كيلا) أي كأشتري منك هذا الزرع بتمامه كل أردب بكذا. قوله: (وقبله) عطف على بدا صلاحه كما أشار لذلك الشارح. قوله: (بقرب أو بعد) أي والحال أن الأصل لم يخرج من يد المشتري. قوله: (أو ألحق الزرع أو الثمر الخ) أي وأما عكس ذلك وهو بيع الثمر أو الزرع أولا ثم ألحق أصله به فممنوع لفساد البيع الأول ولا يتبع الثاني لتأخره عنه. قوله: (فيجوز) أي بيعه بثلاثة شروط أنت خبير بأن المصنف قد جعل قوله إن نفع شرطا في الصحة وظاهر الشارح أنه شرط في الجواز فنقول إنما ذكر الشارح ذلك للإشارة إلى أنه شرط فيهما لأنه لا يلزم من كونه شرطا في الصحة أن يكون شرطا في الجواز قاله شيخنا. قوله: (إن نفع) ذكر المصنف هذا الشرط مع أنه معلوم من شرط البيع لئلا يتوهم أنه مما يرخص فيه كعدم بدو الصلاح.
قوله: (واضطر له) أي للبيع قبل بدو صلاحه. قوله: (الحاجة) أي لا بلوغ الحد الذي ينتفي معه الاختيار.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست