مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦٥٦
ينزع من الناظر ما كان بيده. ثم قال: قال ابن القاسم: فإن مات الوكيل فليس له أن يوصي به إلى غيره إلا أن يكون جعل ذلك الأب إليه، قال أصبغ: وليرجع القيام بذلك إلى المحبس أو وصيه. انتهى فتأمله.
الثاني: علم من كلام ابن القاسم أن الواقف إذا جعل النظر لشخص فليس للناظر أن يوصي بالنظر لاحد غيره إلا أن يجعله له الواقف، وقد تقدم ذلك أيضا في مسألة رسم استأذن من سماع عيسى وأنه ليس له أن يوصي به إلا أن يقول له اجعله إلى من شئت. ويؤخذ ذلك أيضا مما نقله في التوضيح في باب الأقضية كل من ملك حقا على وجه يملك معه عزله فليس له أن يوصي به كالقاضي والوكيل ولو مفوضا وخليفة القاضي للأيتام وشبه ذلك انتهى.
الثالث: لو غاب الناظر في بلدة بعيدة واحتاج الحبس إلى من ينظر في بعض شأنه، فهل للقاضي أن ينظر في ذلك أو يوقف الامر حتى يأتي الغائب؟ الظاهر أن للقاضي أن ينظر في " ذلك ويمضي ما فعله في غيبة الناظر، وليس للناظر إبطال ما فعله القاضي في غيبته، ولم أر في ذلك نصا إلا فتيا وجدت منسوبة لبعض المالكية يسمى علي بن الجلال وصورتها. ما تقول:
السادات العلماء في درس بمكة به مدرس وطلبة وناظر وقفه غائب القاهرة فشغرت وظيفة طلب بالدرس المذكور بحكم وفاة من كان بها، فولي قاضي مكة تلك الوظيفة شخصا لغيبة الناظر على الوقف المذكور بالقاهرة أو غيرها من البلاد الشاسعة، فهل تصح توليته أم لا؟ وإذا صحت التولية فهل للناظر بعد أن بلغه تولية القاضي المذكور أن. يولي شخصا آخر خلاف من ولاه القاضي معتقدا أن القاضي لا نظر له أوليس له ذلك؟ فأجاب: ولاية قاضي مكة للشخص المذكور الوظيفة عند غيبة الناظر للمدرسة الغيبة البعيدة وشغور الوظيفة عمن كان بها بموته صحيحة واقعة بمحلها لأنه ولي من لا ولي له كالمرأة إذا غاب وليها واحتاجت إلى التزويج فليس للناظر إبطال ما وقع من توليه الحاكم والحالة هذه والله أعلم. وكتبه علي بن الجلال المالكي، وأجاب بمثل ذلك الشافعية والحنفية والحنابلة. وأجاب سراج الدين عمر البلقيني الشافعي بما نصه: نعم يصح تولية القاضي الوظيفة لمن ذكر، وليس للناظر أن يولي شخصا آخر خلاف من ولاه القاضي والاعتقاد المذكور غير صحيح. وأجاب الشيخ إبراهيم الأنبابي الشافعي بما أجاب به البلقيني، وكذا أجاب كل من الشيخ محمد بن أحمد السعودي الحنفي والشيخ عبد المنعم البغدادي الحنبلي بمثل ذلك والله أعلم. وبذلك أيضا أفتى بعض أهل العصر وقال: للقاضي أن يقرر في ذلك وينظر، واحتج بأن أصل مذهب مالك القضاء على الغائب في سائر الحقوق إذا كانت غيبته غيبة بعيدة وبأن من يريد التقرير مثلا في الوظيفة في الوقف له شبه الحق على الناظر في وجوب إنفاذ أمر الواقف وعدم تعطيل وقفه، فإذا عين القاضي المذكور من هو أهل لها كان كحكمه عليه فيما يدعي به، وقد قال أهل المذهب فيما إذا ادعى على غائب بدين ساغ للحاكم أن يبيع دار الغائب لقضاء الدين، ثم إذا قدم الغائب ببراءة أو بما
(٦٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 ... » »»
الفهرست