مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦٥
بقول من ملك شيئا لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي. وقول الآخر مثل ذلك وليس بشركة لأنه لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر وهو لازم الشركة، ونفي اللازم ينفي الملزوم انتهى. ولو قال كل واحد لصاحبه أذنت لك في التصرف في هذا الشئ لي ولك لكانت شركة، ثم تجري على أحكام الشركة فيما يصح منها وما يفسد بسبب الخلط وعدمه وما يثبت به الضمان وما لا يثبت على ما سيأتي.
وقوله: مع أنفسهما فصل ثان خرج به قول كل واحد لصاحبه تصرف في هذه المائة ونحوها أنت وحدك على أن الربح لي ولك بشرط أن يتصرف كل واحد في مال نفسه، فليس ذلك بشركة. فقوله: لهما متعلق بالتصرف، وقوله: مع أنفسهما حال من الاذن أي حال كون ذلك الاذن في التصرف مع تصرفهما بأنفسهما. وعلق ابن عرفة قوله: لهما بالاذن فأورد ما أورده ثم قال ابن عرفة: ويبطل عكسه بخروج شركة الجبر كالورثة، وشركة المتبايعين بينهم شيئا. وقد ذكرهما يعني ابن الحاجب إذ لا إذن في التصرف لهما، ولذا اختلف في كون تصرف أحدهما كغاصب أم لا. ثم استدل بما في سماع ابن القاسم في ضرب أحد الشريكين العبد بغير إذن شريكه ونظائر ذلك، فقال في سماع ابن القاسم: ليس لأحد مالكي عبد ضربه بغير إذن شريكه، وإن فعل ضمنه إلا في ضرب لا يعيب مثله أو ضرب أدب. قال سحنون: نضمنه مطلقا ولو ضربة واحدة كأجنبي. ابن رشد: رأى مالك شركته شبهة تسقط الضمان في ضرب الأدب وهو أظهر من قول سحنون، لان تركه ضربه أدبا يفسده، وعليه زرع أحد الشريكين وبناؤه في أرض بينهما بغير إذن شريكه في كونه كغاصب يقلع بناؤه أو زرعه أو لا لشبهة الشركة فيكون له الزرع وإن لم يفت الا بان ويكون عليه الكراء في نصف شريكه ويكون له قيمة بنائه قائما. وعليه قول ابن القاسم في إيلاد العبد أمة بينه وبين حر نصف قيمتها جناية في رقبته. وقول سحنون هذا دين في ذمته يتبع بما نقص نصف ثمنها عن نصف قيمتها انتهى. والمسألة مذكورة في أول رسم من سماع ابنت القاسم في كتاب الشركة.
قلت: ويجاب عن خروج ما ذكر بأن سياق الكلام يدل على أن القصد إنما هو حد شركة في التجر إنها هي المعقود لها الترجمة، وإن ذكر غيرها معها فبطريق التبع والله أعلم.
وقال ابن عرفة: الشركة الأعمية تقرر متمول بين مالكين فأكثر ملكا، والأخصية بيع ملك كل بعضه ببعض كل الآخر موجب صحة تصرفهما في الجميع، فيدخل في الأول شركة الإرث و الغنيمة لا شركة التجر، يريد أنها تخرج بقوله ملكا فقط لان فيها زيادة التصرف. قال: وهما في الثانية على العكس. وشركة الأبدان والحرث باعتبار العمل في الثانية وفي عوضه في الأولى، وقد يتباينان في الحكم شركة الشريك فالأولى جائزة والثانية ممنوعة فيها ليس لأحدهما أن يفاوض شريكا دون إذن شريكه، وله أن يشاركه في سلعة بعينها دون إذنه انتهى. وانظر ما
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست