مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦٥٠
يجوز أن يستثنى من الحبس في الرباع إن وجد ثمنا رغيبا فقد أذنت في بيع ذلك وأن يبتاع بثمن ذلك ربعا مثله لان هذا لا يقع فيه من الحاجة إلى بيع ذلك والعذر في تغييره ما وقع في البيع عند الحاجة، وإن استثناه مستثن جاز ومضى. انتهى ونقله ابن سلمون أيضا. ومن ذلك اشتراط إخراج البنات من الوقف إذا تزوجن، وحصل ابن رشد فيها بعد الوقوع والنزول أربعة أقوال، ولنذكر كلام العتبية وكلامه برمته لما فيه من الفوائد. قال في العتبية في أثناء الرسم الأول من سماع ابن القاسم من كتاب الحبس: قال مالك: من حبس حبسا على ذكور ولده وأخرج البنات منه إذا تزوجن فإني لا أرى ذلك جائزا له. قال ابن القاسم: فقلت لمالك: أترى أن يبطل ذلك ويسجل الحبس؟ قال: نعم وذلك وجه الشأن فيه. قال ابن القاسم: ولكن إذا فات ذلك فهو على ما حبس. قال ابن القاسم: إن كان المحبس حيا ولم يحز الحبس فأرى أن يفسخه ويدخل فيه الإناث، وإن كان قد حيزا ومات فهو كفوت ويكون على ما جعله عليه.
قال ابن رشد: ظاهر قول مالك هذا أن الحبس لا يجوز ويبطل على كل حال خلاف مذهب ابن القاسم في أنه يمضي إذا فات ولا ينقص. وفوت الحبس عندي أن يحاز عن المحبس على ما قاله في هذه الرواية أو يموت، يريد أو يموت بعد أن حيز عنه ورأي أن الحبس إذا لم يحز عن المحبس عنه أن يبطل الحبس ويدخل الإناث فيه، وظاهر قوله وإن كره ذلك المحبس عليهم مراعاة لقول من يقول إن الصدقات والهبات والأحباس لا تلزم ولا يجب الحكم بها حتى تقبض، وقد روي عن مالك أن ذلك مكروه من العمل. فعلى قوله هذا لا يفسخ الحبس إلا أن يرضى المحبس عليهم بفسخه وهم كبار. وذهب محمد بن المواز إلى أن ذلك ليس باختلاف من قول مالك فقال إنما يفعل ما قاله مالك من فسخ الحبس وأن يجعله مسجلا إنما ذلك ما لم يأبه من حبس عليهم، فإن أبوا لم يجز له فسخه ويقر على ما حبس وإن كان حيا إلا أن يرضوا له برده وهو كبار. قال مالك: إن لم يخاصم فليرد الحبس حتى يجعله على صواب، ظاهره إن كان لم يحز عنه وهو على قياس القول بأن ذلك عنده مكروه من الفعل.
وقال ابن القاسم: وإن خوصم فليقره على حاله. ومعنى ذلك على مذهبه إن كان قد حيز عنه وهو الذي ذهب إليه من التأويل في هذه المسألة عن ابن القاسم من أنه فرق في هذه الرواية في فسخ الحبس بأن يحازي عنه أو لا يحاز. وقد تأول على ما حكاه محمد ابن المواز عن مالك وابن القاسم أنه ليس له أن يفسخ الحبس وإن كان ذلك لم يحز عنه إلا بإذن المحبس عليهم ورضاهم، وقد تأول أيضا أن له أن يفسخه وإن كان قد حيز عنه وإن أبى المحبس عليهم مراعاة لقول من لا يرى إعمال الحبس جملة وهو ظاهر قول ابن القاسم في رسم شك بعد هذا من هذا السماع، وفي رسم نذر. وتأول على قولك مالك في هذه الرواية أن الحبس يفسخ على كل حال وإن مات المحبس عنه بعد أن حيز عنه الحبس، فيتحصل على هذا في المسألة أربعة أقوال: أحدها قول مالك هذا أن الحبس يفسخ على كل حال وإن مات المحبس بعد أن حيز
(٦٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 645 646 647 648 649 650 651 652 653 654 655 ... » »»
الفهرست