مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١٧٨
الوكيل المفوض إليه وغيره ما أمر به فهو متعد، ولموكله تضمينه إن شاء ذلك انتهى. قلت:
ينبغي أن يحمل قوله وينفذ فعله في المعروف والصدقة إذا كان لذلك وجه على أن المراد إذا كان لذلك وجه يعود بتنمية المال كما قالوا في الشريك إن ذلك يمضي إذا قصد به الاستئلاف وإلا كان كلام الكافي مخالفا لما في المدونة والله أعلم.
الثالث: علم من كلام صاحب الكافي أن فعل الوكيل محمول على النظر حتى يتبين خلافه وكلامه في التوضيح لا ينافيه والله أعلم.
الرابع: قال ابن فرحون إثر كلامه السابق: ذكر بعضهم أنه يستثنى من الوكالة المفوضة بيع دار السكنى وطلاق الزوجة وبيع العبد القائم بأمور الوكيل وزواج البكر، لان العرف قاض بأن ذلك لا يندرج تحت عموم الوكالة وإنما يفعله الموكل بإذن خاص انتهى. وقال في اللباب في كتاب الطلاق: إنه إن وكله على الطلاق معينا لزمه. قال: وإن فوض إليه جميع أموره ولم يسلم له طلاق زوجته، فظاهر ما في الجواهر أن له ذلك. والذي حكاه ابن أبي زيد أنه معزول عرفا عن طلاق الزوجة وبيع دار السكنى وتزويج البنت وعتق العبد انتهى.
الخامس: قال في النكاح من الأول من المدونة: وزوج أخته البكر بغير أمر الأب لم يجز، وإن أجازه الأب إلا أن يكون ابنا فوض إليه وجميع أمره وجميع شأنه فيجوز بإجازة الأب، وكذلك في أمة الأب وكذلك في الأخ والجد يقيمه هذا المقام انتهى. وقال المصنف في باب النكاح: وإن أجاز مجبر في ابن وأخ وجد فوض له أموره ببينة جاز انتهى. فقول المدونة وقول المصنف هذا لا ينافي قولهم هنا أن الوكالة المفوضة لا تشمل تزويج البكر بل هو موافق له لان معنى ما هنا أنه لا يمضي بل يوقف على إجازة الموكل وإن اتفقا. نعم قال أبو الحسن الصغير إثر كلام المدونة المذكور: قوله فوض له يعني بالعادة، وأما لو كان بالصيغة لكان له أن يزوجها ولا يحتاج إلى إجازة الأب لان الوكيل له أن ينكح ويطلق ويقر على موكله انتهى.
فهذا مخالف لما قالوه هنا أن الوكالة المفوضة لا تشمل تزويجا ولا طلاق الزوجة، وكأنه اعتمد على ظاهر كلام ابن شاس كما تقدم في كلام صاحب اللباب في التنبيه الذي قبل هذا، وأما إقراره على موكله فهو جائز كما تقدم، وأما توكيل لوكيل المفوض إليه غيره من غير أن ينص له على ذلك موكله فسيأتي الكلام عليه.
السادس: إذا ابتدئت الوكالة بشئ معين ثم قال في توكيله إنه وكله وكالة مفوضة أقامه مقام نفسه وأنزله منزلته وجعل له النظر بما يراه، فإنما يرجع التفويض لما سماه ولا يتعدى الوكيل ما سمى له، لان ذلك كله يحمل على ما سماه ويعاد إليه. وأما إن لم يسم شيئا بالكلية وإنما قال وكلته وكالة مفوضة، فهذا توكيل تام في جميع أمور الوكالة، ويجوز فعله في كل شئ من بيع أو شراء أو صلح أو غيره. قاله ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست