إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٣
أكثر (قوله: أما العيوب الخ) مقابل قوله عيب مثبت لخيار. وقوله كالعمى الخ: تمثيل للعيوب التي لا تثبت الخيار (قوله:
وقطع الطرف) أي قطع عضو من أعضائه، وهو بفتح الراء، وأما بسكونها فهو العين. وقوله وتشوه الصورة: أي قبح الخلقة بنقص فيها أو غيره (قوله: تتمة) أي في بيان العيوب التي تثبت الخيار، وقد أفردها الفقهاء بباب مستقل.
وحاصلها سبعة: الثلاثة المتقدمة وهي مشتركة، ويثبت الخيار بها للزوجين مطلقا، وجدت قبل العقد أو بعده، وللولي إن قارنت العقد وإن رضيت بها لأنه يعير بها. واثنان خاصان بالرجل: وهما الجب والعنة، فيثبت الخيار بهما للزوجة، واثنان خاصان بها: وهما الرتق والقرن، فيثبت بهما الخيار للزوج (قوله: ومن عيوب النكاح) أي العيوب المثبتة لفسخ النكاح (قوله: رتق) بفتحتين: وهو انسداد محل الجماع بلحم. ولا تجبر على شق الموضع فإن شقته أو شقه غيرها وأمكن الوطئ فلا خيار لزوال المانع من الجماع، ولا تمكن الأمة من الشق إلا بإذن سيدها. وقوله وقرن، بفتح القاف وفتح الراء، وقيل بسكونها، وهو انسداد محل الجماع بعظم (قوله: وجب) بفتح الجيم وتشديد الباء: وهو قطع الذكر أو بعضه والباقي دون الحشفة ولو بفعل الزوجة أو بعد الوطئ. وقوله وعنة، بضم العين وتشديد النون، وهي العجز عن الوطئ في القبل لضعف الآلة أو القلب أو الكبد. ولا بد في ثبوت الخيار بها من أن تكون من مكلف، بخلاف الصبي والمجنون فلا يسمع دعوى العنة في حقهما لأنها لا تثبت إلا بإقرار الزوج عند القاضي أو عند بينة تشهد على إقراره أو بيمينها بعد نكوله وإقرار كل من الصبي والمجنون لغو كنكوله ولا تثبت بالبينة لأنه لا اطلاع للشهود عليها. ولا بد أيضا أن تكون قبل الوطئ فلا خيار له بعد الوطئ ولو مرة لأنها وصلت إلى مطلوبها وعرفت بذلك قدرته على الجماع مع توقع حصول الشفاء بزوالها وعود الداعية للاستمتاع، بخلاف حدوث الجب بعد الوطئ فإنه يثبت به الخيار ليأسها من الجماع وعدم توقع الاستمتاع، ولا بد من ضرب القاضي له سنة، كما فعله عمر رضي الله عنه وتابعه العلماء عليه، وقالوا:
تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فيزول في الشتاء، أو برودة فيزول في الصيف، أو يبوسة فيزول في الربيع، أو رطوبة فيزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولم يطأ رفعت أمرها إلى القاضي لامتناع استقلالها بالفسخ، فإذا ادعى الوطئ وهي ثيب أو بكر غوراء ولم تصدقه صدق هو بيمينه أنه وطئ، ولا يطالب بوطئ، بخلاف البكر غير الغوراء فتحلف هي أنه لم يطأ، وكذلك إن نكل عن اليمين في الثيب أو البكر الغوراء فإنها تحلف يمين الرد كغيرها (قوله: فلكل من الزوجين الخ) تفريع على كون المذكورات من عيوب النكاح. وقوله الخيار فورا: أي لان الخيار خيار عيب وهو على الفور كما في الخيار بعيب المبيع. فمن أخر بعد ثبوت حقه سقط خياره وتقبل دعواه الجهل بأصل ثبوت الخيار أو بفوريته إن أمكن بأن لا يكون مخالطا للعلماء مخالطة تستدعي عرفا معرفة ذلك، ولا ينافي الفورية ضرب السنة في العنة لأنها لا تثبت بعد مضي السنة والرفع بعدها إلى القاضي، وحينئذ فلها الفسخ ولكن بعد قول القاضي ثبتت عندي عنته أو ثبت حق الفسخ (قوله:
في فسخ النكاح).
(اعلم) أن الفسخ يفارق الطلاق في أربعة أمور: الأول أنه لا ينقص عدد الطلاق فلو فسخ مرة ثم جدد العقد ثم فسخ ثانيا وهكذا لم تحرم عليه الحرمة الكبرى، بخلاف ما إذا طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه الحرمة المذكورة ولا تحل له إلا بمحلل. الثاني إذا فسخ قبل الدخول فلا شئ عليه، بخلاف ما إذا طلق فإن عليه نصف المهر. الثالث إذا فسخ لتبين العيب بعد الوطئ لزمه مهر المثل، بخلاف ما إذا طلق حينئذ فإن عليه المسمى. الرابع إذا فسخ بمقارن للعقد فلا نفقه لها وإن كانت حاملا، بخلاف ما إذا طلق في الحالة المذكورة فتجب النفقة. وأما السكنى فتجب في كل من الفسخ والطلاق حيث كان بعد الدخول (قوله: بما وجد الخ) متعلق بالخيار، والباء سببية: أي الخيار بسبب ما وجد من العيوب. وقوله في الآخر: متعلق بوجد (قوله: بشرط أن يكون بحضور الحاكم) أي إنما يصح الخيار فورا في فسخ النكاح إن كان حاصلا بحضور الحاكم، وذلك لان الفسخ بالعيوب المذكورة أمر مجتهد فيه كالفسخ بإعسار فتوقف ثبوتها على مزيد نظر
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست