إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٢
تارة ويذهب تارة. وقوله وإن قل: أي الجنون. وهذا ما جرى عليه شيخه ابن حجر، والذي جرى عليه م ر: أن الخفيف لا يضر، وعبارته: ويستثنى من المتقطع، كما قاله المتولي، الخفيف الذي يطرأ في بعض الأزمان. اه‍. ومثل الجنون في ثبوت الخيار: الخبل، كما ألحقه به الشافعي رضي الله عنه، كذا قيل. وفي القاموس: أنه الجنون، وعليه: فلا إلحاق والاغماء المأيوس من زواله كالجنون (قوله: هو) أي الجنون. وقوله يزول به الشعور، أي الادراك من القلب لكن مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء (قوله: وجذام) بالجر معطوف على جنون: أي وكجذام. وقوله مستحكم - بكسر الكاف - بمعنى محكم: يقال أحكم واستحكم: أي صار محكما. وقيد بالاستحكام فيه وفيما بعده، دون الجنون، للإشارة إلى أنه لا يشترط فيه الاستحكام. والفرق أن الجنون يفضي إلى الجناية، كما قاله الزركشي، فإذا جن أحد الزوجين ترتب عليه الجناية على الآخر بقتل أو نحوه، واعتمد الزيادي عدم الاستحكام في البرص والجذام كالجنون.
ومما جرب للجذام أن يؤخذ من دهن حب العنب ومرارة النسر أجزاء متساوية ويخلطان معا ويدلك بهما ثلاثة أيام. ومما جرب للبرص أن يؤخذ ماء الورد ويطلى به ثلاثة أيام فإنه يبرأ بإذن الله تعالى (قوله: وهي) أي الجذام، وأنت الضمير باعتبار الخبر. وقوله علة يحمر منها العضو: قال م ر ويتصور في كل عضو غير أنه يكون في الوجه أغلب. اه‍. وقوله ثم يتقطع: أي وبعده يتناثر، أي يتساقط (قوله: وبرص) هو بالجر عطف على جنون: أي وكبر ص. وخرج به البهق فلا يؤثر (قوله: وهو) أي البرص (قوله: وإن قلا) أي الجذام والبرص فإنهما يؤثران (قوله: وعلامة الاستحكام في الأول) أي في الجذام. (وقوله: اسوداد العضو) أي وإن لم يوجد تقطع ولا تناثر على المعتمد (قوله: وفي الثاني) أي وعلامة الاستحكام في الثاني، أي البرص. وقوله عدم احمراره: أي العضو. وعبارة غيره: وعلامة الاستحكام فيه وصوله للعظم بحيث لو فرك العضو فركا عنيفا لم يحمر اه‍ (قوله: غير) فاعل يكافئ المقدر في قوله ولا سليمة: أي ولا يكافئ سليمة من العيب غيرها. وهذا باعتبار حل الشارح، أما باعتبار المتن فهو فاعل يكافئ المصرح به أول الفصل، كما تقدم التنبيه عليه، وقوله ممن به عيب: بيان للغير. وقوله منها: أي من العيوب الثلاثة (قوله: لان النفس الخ) علة لعدم المكافأة المذكورة: أي لا يكافئ السليمة من العيوب من لم يسلم منها لان النفس الخ. وقول تعاف: أي تكره صحبة من به ذلك، أي المذكور من الجنون والجذام والبرص، لان الأول يؤدي إلى الجناية، والأخيرين يعديان. ففي الصحيحين:
فر من المجذوم فرارك من الأسد وهذا محمول على غير قوي اليقين الذي يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدر له. وذلك الغير هو الذي يحصل في قلبه خوف حصول المرض. فقد جرت العادة بأنه يحصل له المرض غالبا. وحينئذ فلا ينافي ما صح في الحديث لا عدوى لأنه محمول على قوي اليقين الذي يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدر له، فقد شوهد أنه. لا يحصل له مرض ولا ضرر، أو يقال: المراد لا عدوى مؤثرة، فلا ينافي أنه قد تحصل العدوي، لكن بفعل الله تعالى فإن الحديث ورد ردا لما كان يعتقده أهل الجاهلية من نسبة الفعل لغير الله تعالى (قوله: ولو كان بها الخ) كلام مستأنف، ولو شرطية جوابها قوله فلا كفاءة، ولا يصح جعلها غاية ويكون قوله فلا كفاءة تفريعا لان موضوع هذه الخصلة لان السليمة من العيوب لا يكافئها من هو متصف بها، وحينئذ فينحل المعنى السليمة من العيوب لا يكافئها من ذكر وإن كان بها عيب ولو متفقا، فيناقض آخر الكلام أوله. لأنها إذا كان بها عيب فلا تكون سليمة من العيوب، لا سيما عند اتفاقهما في العيب.
وقوله وإن اتفقا أي العيبان كأن يكون جذماء، وهو كذلك، وذلك لان الانسان يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه. وقوله أو كان ما بها أقبح: أي أو كان العيب الذي فيها أقبح من العيب الذي فيه: كأن تكون جذماء وهو أبرص، أو يكون الذي بها
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست