إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
وقوله من ولي، أي وسن الايصاء من ولي وقول ووصي، أي ومن وصي لكن يقيدنا بإذن الولي له في الايصاء عن نفسه أن عن الموصي، وإلا فلا يصح إيصاء الوصي. وقوله أذنا، يقرأ بالبناء للمجهول، وألفه للاطلاق، أي أذن الولي للوصي في الايصاء. (وقوله: إلى مكلف) متعلق بإيصاء، أي سن إيصاء من ذلك إلى مكلف - والأحسن جعل إلى زائدة، إذ فعل الايصاء يتعدى بنفسه. فتنبه. مطلب ما ينفع الميت (قوله: وتنفع ميتا الخ) جرت عادة الفقهاء يذكرون هذه المسألة في باب الوصية، ولها ارتباط به، إذ الوصية صدقة معلقة بالموت، كما يؤخذ من حدها المار. (قوله: من وارث وغيره) متعلق بمحذوف حال مما بعده، أي حال كون الصدقة أو الدعاء كائنين من وارث وغيره، وهو تعميم فيه (قوله: صدقة عنه) أي عن الميت، سواء كان المتصدق هو في حياته أو غيره، فقوله الآتي منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته راجع لهذا وما بعده. اه‍. رشيدي (قوله: ومنها) أي الصدقة. (وقوله وقف لمصحف) أي عن الميت. (وقوله وغيره) بالجر عطف على مصحف، أو وقف لغير المصحف كدار (قوله: وبناء مسجد الخ) أي وإجراء نهر وبيت بناه للغريب ليأوي فيه، أو بناه للذكر، وقد تقدم، في باب الوقف، بيان العشرة التي يبقى ثوابها له بعد موته، ولا ينقطع منها ما ذكر ومنها ما هو غير صدقة، كدعاء ولد له، وكعلم ينتفع به.
وقد تقدم هناك أيضا نظمها للجلال السيوطي، ولا بأس بإعادته هنا وهو هذا:
إذا مات ابن آدم ليس يجري عليه من خصال غير عشر علوم بثها ودعاء نجل وغرس لنخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغر وحفر البئر أو إجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوي * إليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم * فخدها من أحاديث بحصر (قوله: منه في حياته الخ) متعلق بمحذوف صفة لصدقة ولما بعدها من قوله وقف وبناء وحفر وغرس، أو حال منها كلها، أي الصادرة منه حال كونه حيا، أو حال كونها صادرة منه في حال كونه حيا. وقوله أو من غيره، معطوف على منه، أي أو الصادرات من غيره. وقوله عنه، متعلق بمحذوف حال من متعلق الجار والمجرور: أي حال كون هذه الأمور الصادرة من غيره مجعولة عنه. والمراد أن من صدرت منه جعل ثوابها لذلك الميت. وقوله بعد موته، متعلق بما تعلق به الجار والمجرور، أي الصادرات بعد موته (قوله: ودعاء) معطوف على صدقة، أي وينفعه أيضا دعاء له من وارث وغيره، ولو أخر قوله أولا من وراث وغيره عنه لكان أولى. (قوله: إجماعا) دليل لكل من الصدقة ومن الدعاء (قوله: وصح في الخبر الخ) دليل للدعاء، ومما يدل له أيضا قوله تعالى: * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) * (2) فأثنى عليهم بالدعاء للسابقين. ومما يدل للصدقة، خبر سعد بن عبادة: قال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال نعم: قال أي الصدقة أفضل؟ قال سقي الماء رواهما مسلم وغيره: ومما يدل لهما خبر: إذا مات ابن آدم الخ (قوله: باستغفار ولده له) أي بأن يقول: أستغفر الله لوالدي، أو اللهم اغفر له. وفي المغني بعد قوله في الجنة، فيقول يا رب أنى لي هذا؟ فيقال باستغفار ولدك لك (قوله: وقوله تعالى) مبتدأ خبره عام، والقصد بإيراد هذه الآية دفع إيراد من تمسك بظاهرها، وقال لا ينفع الانسان إلا ما حصله بنفسه، ولا ينفعه دعاء الغير له، ولا الصدقة عنه

(2) سورة الحشر، الآية: 10.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست