إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
(وسئل) الحسن البصري عن مسألة.
(فأجاب) فقيل إن فقهاءنا لا يقولون ذلك، فقال وهل رأيتم فقيها قط؟ الفقيه هو القائم ليله، الصائم نهاره، الزاهد في الدنيا، الذي لا يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله، فإن قبلت منه حمد الله تعالى، وفقه عن الله أمره ونهيه، وعلم ما يحبه وما يكرهه، فذلك هو العالم الذي قيل فيه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فإذا لم يكن بهذه الصفة فهو من المغرورين. واختلف في الراسخ في العلم، فقيل هو من جمع أربع خصال: التقوى فيما بينه وبين الله، والتواضع فيما بينه وبين الناس، والزهد فيما بينه وبين الدنيا، والمجاهدة فيما بينه وبين نفسه، والأصح أنه العالم بتصاريف الكلام، وموارد الاحكام، ومواقع المواعظ،، لان الرسوخ الثبوت في الشئ. اه‍. ملخصا. (قوله: وليس منهم الخ) أي ليس من العلماء الذين تصرف الوصية لهم نحوي وصرفي ولغوي، أي عارف بعلم النحو أو الصرف أو اللغة أي أو المعاني والبيان والبديع أو العروض أو القوافي وغيرها من بقية علوم الأدب الاثني عشر علما عملا بالعرف المطرد عليه غالب الوصايا، فإنه حيث أطلق العالم لا يتبادر منه إلا أصحاب علوم الشرع الثلاثة: أعني الحديث، والتفسير، والفقه. وقوله ومتكلم، عبارة المنهاج وكذا متكلم عند الأكثرين. قال في المغني، أي فهو ليس منهم، لما ذكر. ونقله العبادي في زيادته عن النص. وقيل يدخل، وبه قال المتولي، ومال إليه الرافعي، وقال السبكي: إن أريد به العلم بالله وصفاته وما يستحيل عليه ليرد على المبتدعة ويميز بين الاعتقاد الصحيح والفساد فذاك من أجل العلوم الشرعية، وقد جعلوه في كتب السير من فروض الكفايات، وإن أريد به التوغل في شبهه والخوض فيه على طريق الفلسفة فلا. وهذا القسم هو الذي أنكره الشافعي، وقال: لان يأتي العبد ربه بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بعلم الكلام. اه‍. بتصرف (قوله:
ويكفي ثلاثة من أصحاب الخ) أي من كل صنف من أصحاب العلوم الثلاثة أو بعضها، ولا يجزئ واحد من كل صنف، كما في فتح الجواد، ونص عبارته: والمراد بمحدث وما بعده الجنس، فيكفي ثلاثة فقهاء، ولا يجزئ واحد من كل صنف. اه‍. وعبارة الروض وشرحه، وإن أوصى للفقراء والمساكين وجب لكل منهما النصف، ولا يقسم ذلك على عدد رؤوسهم، أو أوصى لأحدهما دخل فيه الآخر، فيجوز الصرف إليهما، أو أوصى للرقاب أو غيرهم من الأصناف أو العلماء لم يجب الاستيعاب، بل يستحب عند الامكان، كما في الزكاة، إذا فرقها المالك ويكفي ثلاثة من كل صنف، أي الاقتصار عليها، لأنها أول الجمع، ولا تجب التسوية بينهم اه‍. ومحل الاكتفاء بثلاثة من كل صنف، حيث لم يقيدوا بمحل أو قيدوا وهم غير محصورين، فإن قيدوا بمحل، كأن قال لعلماء بلد كذا وهم محصورون وجب التعميم والتسوية، بل والقبول. فإن لم يكن بها عالم بطلت الوصية (قوله: اختص بالفقهاء الخ) أي لتعلق الفقه بكثير من العلوم، كما مر (قوله: أو للقراء) أي أو أوصى للقراء (قوله: عن ظهر قلب) أي عرفا، فلا يضر غلط يسير ولا لحن كذلك فيما يظهر.
اه‍. ع ش (قوله: أو لأجهل الناس) أي أو أوصى لأجهل الناس. وقوله صرف لعباد الوثن، قال في شرح الروض، قال الزركشي: وقضية كلامهم صحة الوصية وهو لا يلائم قولهم إنه يشترط للوصية للجهة عدم المعصية وقد تفطن لذلك صاحب الاستقصاء فقال: وينبغي عدم صحتها لما فيها من المعصية، كما لا تصح لقاطع الطريق. اه‍. وأجاب في التحفة عن ذلك ولفظها. واستشكلت صحة الوصية بأنها معصية، ويجاب بأن الضار ذكر المعصية، لا ما قد يستلزمها أو

(1) قوله الاثني عشر علما: أي المنظومة في قول بعضهم:
صرف بيان معاني النحو قافية شعر عروض اشتقاق الخط انشاء محاضرات وثاني عشرها لغة تلك العلوم لها الآداب أسماء.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست