إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
للموقوف عليه، كما تقدم بيانه أول الباب (قوله: تأبيد) قال البجيرمي، معنى تأبيده أن يقف على ما لا ينقرض عادة، كالفقراء والمساجد، أو على من ينقرض ثم على من لا ينقرض، كأولاد زيد، ثم الفقراء (قوله: فلا يصح تأقيته) أي لفساد الصيغة به، إذ وضعه على التأبيد، وسواء في ذلك طويل المدة وقصيرها. نعم، ينبغي أن يقال لو وقفه على الفقراء ألف سنة أو نحوها مما يبعد بقاء الدنيا إليه، صح، كما بحثه الزركشي، كالأذرعي، لان القصد منه التأبيد دون حقيقة التأقيت، ومحل فساد الصيغة به فيما لا يضاهي التحرير، أي يشابهه، في انفكاكه عن اختصاص الآدميين، أما فيما يضاهيه، كالمسجد والرباط والمقبرة: كقوله جعلته مسجدا سنة، فإنه يصح مؤبد ويلغو التأقيت، كما لو ذكر فيه شرطا فاسدا (قوله: كوقفته على زيد سنة) تمثيل للمؤقت. قال في شرح الروض: نعم إن عقبه بمصرف آخر، كأن وقف على أولاده سنة، ثم على الفقراء، صح. وروعي فيه شرط الواقف. نقله الخوارزمي. اه‍. (قوله: وتنجيز) معطوف على تأبيد: أي وشرط له تنجيز (قوله: فلا يصح تعليقه) أي الوقف، لأنه عقد يقتضي إزالة الملك في الحال، ومحله أيضا فيما لا يضاهي التحرير، فلو قال إذا جاء رمضان فقد جعلت هذا المكان مسجدا، صح، كما ذكره ابن الرفعة، ولا يصير مسجدا إلا إذا جاء رمضان. وأفهم كلامه أنه لو نجز الوقف وعلق الاعطاء، صح، كوقفته على زيد، ولا يصرف إليه إلا أول شهر كذا مثلا، وهو كذلك، كما نقله البجيرمي، عن الزركشي، عن القاضي حسين، (قوله: نعم يصح) تعليقه بالموات استثناء من عدم صحة التعليق، والمراد به مطلق الربط، ولو لم يكن بواسطة أداة الشرط، كمثاله المذكور بعد، ومثال ما كان بواسطة الأداة، إذا مت فداري وقف على كذا أو فقد وقفتها، بخلاف إذا مت وقفتها فإنه لا يصح، كما في التحفة ونصها، نعم يصح تعليقه بالموت كإذا مت فداري وقف على كذا أو فقد وقفتها، إذ المعنى فاعلموا أني قد وقفتها، بخلاف إذا مت وقفتها. والفرق أن الأول إنشاء تعليق، والثاني تعليق إنشاء، وهو باطل، لأنه وعد محض. ذكره السبكي. اه‍. (قوله: قال الشيخان وكأنه وصية) أي وكأن المعلق بالموت وصية، أي في حكمها. وفي الرشيدي ما نصه: قال الشارح في شرحه للبهجة.
(والحاصل) أنه يصح ويكون حكمه حكم الوصايا في اعتباره من الثلث، وفي جواز الرجوع عنه، وفي عدم صرفه للوارث، وحكم الأوقاف في تأبيده، وعدم بيعه وهبته وارثه. اه‍. (قوله: لقول القفال الخ) تعليل لكونه في حكم الوصية، أي وإنما كان في حكمها لقول القفال أنه لو عرضها، أي الدار، المعلق وقفها على الموت للبيع، كان عرضه المذكور رجوعا عن الوقف المذكور، كالوصية، فإنه لو عرض الموصي ما أوصى به للبيع، كان رجوعا. ويفرق بينه وبين المدبر، حيث كان العرض فيه ليس رجوعا، بل لا بد من البيع بالفعل، بأن الحق المتعلق به، وهو العتق، أقوى، فلم يجز الرجوع عنه إلا بنحو البيع دون العرض عليه، كذا في التحفة والنهاية (قوله: وإمكان تمليك) معطوف على تأبيد، أي وشرط له إمكان تمليك الواقف للموقوف عليه العين الموقوفة، ففاعل المصدر محذوف، والعين مفعوله. والأولى:
وإمكان تملكه - كما عبر به في المنهج - وشرط في الموقوف عليه عدم المعصية، فلو قال وقفت على زيد ليقتل من يحرم قتله أو على مرتد أو حربي، لم يصح (قوله: إن وقف على معين) قيد في هذا الشرط، وخرج به، ما إذا وقف على جهة فيصح الوقف بدون هذا الشرط، أعني إمكان تمليكه، نعم، يشترط فيها عدم المعصية. وعبارة المنهج مع شرحه، وشرط في الموقوف عليه إن لم يتعين، بأن كان جهة عدم كونه معصية فيصح الوقف على فقراء وعلى أغنياء، وإن لم تظهر فيهم قربة، نظرا إلى أن الوقف تمليك، كالوصية، لا على معصية، كعمارة كنيسة للتعبد. وشرط فيه، إن تعين مع ما مر، إمكان تملكه للموقوف عليه من الواقف، لان الوقف تمليك للمنفعة. اه‍. (قوله: واحد أو جمع) بدل من معين أو صفة له (قوله: بأن يوجد الخ) تصوير لامكان التمليك. أي أنه مصور بوجود الموقوف عليه حال الوقف خارجا متأهلا للملك
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست