مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٦١
أن يكون مبتدعا وداعيا إلى ضلالة، فذاك باسم الجهل أحق، وأما الكلام في الإلهيات على طريقة الحكماء فذاك ليس من أصول الدين بل أكثره ضلال وفلسفة والله يعصمنا بمنه وكرمه آمين اه‍. وهذا هو القسم الذي أنكره الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقال: لأن يلقى العبد ربه بكل ذنب ما عدا الشرك خير له من أن يلقاه بعلم الكلام قال السبكي: وكذا الصوفية ينقسمون إلى هذين القسمين، وأطال في ذلك، ثم قال في آخر كلامه: ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وابن سبعين والقطب القونوي والعفيف التلمساني، فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريق الاسلام فضلا عن العلماء. وقال ابن المقري في روضه: إن الشك في كفر طائفة ابن عربي كفر. قال شيخنا: وهم الذين ظاهر كلامهم عند غيرهم الاتحاد، قال: والحق أنهم مسلمون أخيار وكلامهم جار على اصطلاحهم كسائر الصوفية، وهو حقيقة عندهم في مرادهم وإن افتقر عند غيرهم ممن لو اعتقد ظاهره عنده كفر إلى تأويل، إذ اللفظ المصطلح عليه حقيقة في معناه الاصطلاحي مجاز في غيره فالمعتقد منهم لمعناه معتقد لمعنى صحيح. وقد نص على ولاية ابن عربي جماعة علماء عارفون بالله تعالى منهم الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والشيخ عبد الله اليافي، ولا يقدح فيه وفي طائفته ظاهر كلامهم المذكور عند غير الصوفية لما قلناه، ولأنه قد يصدر عن عارف بالله تعالى إذا استغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته، ويغيب عن كل ما سواه عبارات تشعر بالحلول والاتحاد لقصور العبارات عن بيان حاله الذي ترقى إليه، وليست في شئ منهما كما قاله العلامة السعد التفتازاني وغيره. ولو أوصى للقراء صرف لحفاظ كل القرآن في الأصح لا لمن لا يحفظ ويقرأ من المصحف، أو للرقاب صرف إلى المكاتبين كتابة صحيحة، لأنه المفهوم من عرف الشرع فحمل عليه، وأقل ما يجزئ أن يدفع إلى ثلاثة. ولو لم يكن في الدنيا مكاتب وقف الثلث لجواز أن يكاتب رقيق، فإن رق المكاتب بعد أخذه من الوصية استرد منه المال إن كان باقيا في يده أو يد سيده، أو لسبيل الله صرف إلى الغزاة من أهل الصدقات لأنه المفهوم شرعا. وأقل من يصرف إليه ثلاثة، وقد تقدم آل النبي (ص) في كتاب الزكاة، فلو أوصى لآل غير النبي (ص) صحت وصيته. وهل تحمل على القرابة أو على اجتهاد الحاكم؟ وجهان: أوجههما كما قال شيخي الأول، وأخل البيت كالآل لكن تدخل الزوجة فيهم أيضا. ولو أوصى لأهله من غير ذكر البيت دخل كل من تلزمه نفقته، أو لآبائه دخل أجداده من الطرفين، أو لأمهاته دخلت جداته من الطرفين أيضا، ولا تدخل الأخوات في الاخوة كعكسه، والأحماء آباء الزوجة، وكذا أبو زوجة كل محرم حم، والمحارم يدخل فيهم كل محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة. والوصية للموالي كما في الوقف عليهم، ولا يدخل فيهم المدبر ولا أم الولد. ولو أوصى لليتامى أو الأرامل أو الأيامى والعميان أو الحجاج أو الزمني أو أهل السجون أو الغارمين أو لتكفين الموتى أو لحفر قبورهم اشترط فقرهم وإن استبعده الأذرعي في الحجاج لأن الفقراء منهم هم المقصودون بالوصية، ثم إن انحصروا وجب تعميمهم وإلا جاز الاقتصار على ثلاثة. واليتيم من مات أبوه قبل بلوغه، قال ابن السكيت: اليتيم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم، قال ابن خالويه: ومن الطير من قبلهما لأنهما يحضنانه ويزقانه. والأيم والأرملة من لا زوج لها، إلا أن الأرملة من بانت من زوجها بموت أو بينونة، والأيم لا يشترط فيها تقدم زوج، ويشتركان في اشتراط الخلو عن الزوج حالا. ولو أوصى للأرامل أو الابكار أو الثيب لم يدخل فيهن الرجال وإن لم يكن لهم زوجات، لأن هذا الاسم في العرف للنساء. أو للعزاب صرف للرجل الذي لا زوجة له. ولا تدخل المرأة التي لا زوج لها على أحد رأيين يظهر ترجيحه. والقانع السائل. والمعتر من يتعرض للسؤال ولا يسأل، وسيأتي زيادة على ذلك في كتاب الأضحية.
فائدة: الناس غلمان وصبيان وأطفال وذراري إلى البلوغ. ثم هم بعد البلوغ شبان وفتيان إلى الثلاثين.
ثم هم بعدها كهول إلى الأربعين. ثم هم بعدها شيوخ. (ويدخل في وصية الفقراء المساكين وعكسه) فما وصى به لأحدهما يجوز دفعه للآخر لوقوع اسم كل منهما على الآخر عند الانفراد في العرف. ولا يدخل الفقير المكفي بنفقة
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460