مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٦٢
قريب أو زوج، ولا فقير غير المسلمين كالزكاة، ولكن يجوز نقلها. والفرق بينها وبين الزكاة أن الأطماع لا تمتد إليها امتدادها في الزكاة، إذ الزكاة مطمع نظر الفقراء من حيث إنها مواظبة دائرة بخلاف الوصية، ولهذا يجوز تقييدها بفقراء سائر البلاد. (ولو جمعهما) أي الفقراء والمساكين في الوصية، (شرك) بضم أوله الموصى به بينهما (نصفين) فيجعل نصفه للفقراء ونصفه للمساكين، فلا يقسم ذلك على عدد رؤوسهم، ولا يجب استيعابهم، بل يستحب عند الامكان، (أقل) ما يكفي من (كل صنف) من العلماء والفقراء والمساكين (ثلاثة) لأنها أقل الجمع، بخلاف بني زيد وبني عمرو فإنه يشترط استيعابهم بأن يقسم على عدد رؤوسهم كما أفاده كلام الروضة، فلو دفع لاثنين من العلماء أو الفقراء أو المساكين غرم للثالث أقل متمول، وقيل: الثلث، ولا يصرفه له بل يسلمه للقاضي، ويصرفه له بنفسه أو يرده إليه ليدفعه هو.
قال الزركشي: وقد ذكروا فرعا، وهو أنه إذا أوصى لأقاربه وله قريب واحد هل يكون له الكل أو النصف أو الثلث؟
خلاف فليكن هنا نظيره اه‍. وهو ظاهر، والأصح ترجيح الأول كما سيأتي. ويشترط في الفقراء والمساكين الموصى لهم أن يكونوا أحرارا فلا مدخل للمماليك في ذلك كما نص عليه. (وله) أي الموصي والحاكم عند فقده، (التفضيل) بين آحاد كل صنف بحسب الحاجة. ولا تجب التسوية بل يتأكد تفضيل الأشد حاجة وعيالا، والأولى تقديم أقارب الموصي الذين لا يرثون ثم جيرانهم ثم معارفه، هذا إذا لم يكونوا محصورين فإن أوصى لفقراء بلد وهم محصورون وجب استيعابهم والتسوية بينهم كتعيينهم، ويشترط قبولهم بخلاف الوصية المطلقة للفقراء. ولو عين فقراء بلد ولا فقير بها لم تصح الوصية.
(أو) وصى (لزيد والفقراء، فالمذهب أنه) أي زيد (كأحدهم في جواز إعطائه أقل متمول) لأنه ألحقه بهم في إضافته، وذلك يقتضي التسوية. فإن قيل: قد يكون زيد فقيرا فيتناوله لفظ الفقراء فلا فائدة لذكره. أجيب بأن له فائدتين: منع الاخلال به، وعدم اعتبار فقره كما يشير إليه قوله: (لكن) زيد (لا يحرم) بضم أوله وإن كان غنيا كما يحرم أحدهم، لعدم وجوب استيعابهم كما مر لنصه عليه.
تنبيه: اعترض تعبيره بالمذهب، فإن المسألة فيها سبعة أوجه: أصحها ما جرى عليه المصنف، وبقية الأوجه مذكورة في المبسوطات، وقد ذكرت أكثرها في شرح التنبيه فلا نطيل بذكرها. هذا إذا أطلق زيد، فإن وصفه بوصفهم، كأن قال: لزيد الفقير والفقراء وكان غنيا أخذ نصيبه الفقراء لا وارث الموصي وإن كان فقيرا، وإن وصفه بغير وصفهم كأن قال: لزيد الكاتب والفقراء استحق زيد النصف، أو وصى لزيد وجماعة محصورين أعطي زيد النصف واستوعب بالنصف الآخر جماعته، أو وصى لزيد بدينار وللفقراء بثلث ماله لم يعط أكثر من الدينار وإن كان فقيرا لأنه قطع اجتهاد الموصي بالتقدير. أو وصى لزيد وجبريل أو له والحائط أو الريح أو نحوها مما لا يوصف بالملك كالشيطان أعطي زيد النصف وبطلت الوصية في الباقي كما لو أوصى لابن زيد وابن عمرو وليس لعمرو ابن، ولو أضاف الحائط كأن قال: وعمارة حائط المسجد أو حائط دار زيد صحت الوصية وصرف النصف في عمارته. أو وصى لزيد والملائكة أو الرياح أو الحيطان أو نحوها أعطي أقل متمول كما لو أوصى لزيد والفقراء، وبطلت الوصية فيما زاد عليه. أو أوصى لزيد ولله فلزيد النصف والباقي يصرف في وجوه القرب لأنها مصرف لحقوق الله تعالى. ولو أوصى بثلث ماله لله تعالى صرف في وجوه البر على ما ذكر. وإن لم يقل لله تعالى صرف للمساكين. ولو أوصى لأمهات أولاده وهن ثلاث وللفقراء والمساكين جعل الموصى به بينهم أثلاثا. (أو) وصى (لجمع معين غير منحصر كالعلوية) والهاشمية وبني تميم، (صحت) هذه الوصية (في الأظهر) كالوصية للفقراء. والثاني: البطلان، لأن التعميم يقتضي الاستيعاب وهو ممتنع، بخلاف الفقراء فإن عرف الشرع خصصه بثلاثة فاتبع. (و) على الأول (له الاقتصار على ثلاثة) كما في الفقراء.
فائدة: من خصائصه (ص): أن أولاد بناته ينسبون إليه، وهم الاشراف الموجودون ومنهم
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460