مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٦٧
برقبته فرد الموصى له بالمنفعة الوصية عادت إلى الوارث كما اختاره السبكي.
تنبيه: ذكر المصنف العبد مثال، فإن منفعة الدار وثمرة البستان كذلك. ولو انهدمت الدار الموصى بمنافعها فأعادها الوارث بآلتها عاد حق الموصى له كما صححه المصنف. ولو غصب الموصى بمنافعه فأجرته عن مدة الغصب للموصى له لا للوارث، بخلاف نظيره في المؤجر لأنها هنا بدل حقه بخلافها ثم، فإن الإجارة تنفسخ في تلك المدة فتعوذ المنافع إلى مالك الرقبة. (وتصح) الوصية (بحج) وعمرة (تطوع في الأظهر) بناء على الأظهر من جواز النيابة فيه لأنها عبادة تدخل النيابة في فرضها فتدخل في نفلها كأداء الزكاة. فإن قيل: قد نقض هذا في المجموع بالصوم فإنه لا نيابة في نقله قطعا. أجيب بأن النيابة تصح في فرض الزكاة وفرض الحج في الحياة بشرطه وبعد الممات، وهو المراد، فصحت النيابة في نفلهما. وأما فرض الصوم فلم تصح النيابة فيه في الحياة بحال فلم تقع المشابهة بينه وبينهما فلا ينقض به ذلك. فإن قيل: ذكروا هنا في الصوم عن المريض المأيوس وجهين من غير ترجيح، قال الرافعي: تشبيها بالحج، وقضيته الجواز فلا يصح الجواب المذكور.
أجيب بأنهم صرحوا في باب الصوم بأنه لا يصح الصوم عن حي بلا خلاف معذورا كان أو غيره، ولا يلزم من التشبيه الاتحاد في الترجيح. قال الزركشي: ويجئ الخلاف في حج الوارث أو الأجنبي عمن مات ولم يجب عليه الحج لفقد الاستطاعة، ومنهم من قطع بالصحة لأنه يقع عن الواجب فيها، ولهذا لو تكلف في الحياة وقع عن فرضه اه‍. والقطع أظهر والثاني: المنع، لأن الضرورة في الفرض منتفية في التطوع. وعلى الأول تحسب من الثلث فتبطل إن عجز الثلث أو ما يخص الحج منه عن أجرة الحج، ويرجع للوارث كما قاله القاضي حسين في باب الحج، وفرق بينه وبين ما لو أوصى بالعتق ولم يف ثلثه بجميع ثمن الرقبة حيث يعتق بقدره على وجه بأن عتق البعض قربة كالكل والحج لا يتبعض. ثم شرع فيما يفعل عن الميت فقال:
(ويحج) بضم أوله، (من بلده أو الميقات كما قيد) عملا بوصيته، هذا إن وسعه الثلث وإلا فمن حيث أمكن، نص عليه في عيون المسائل. (وإن) لم يقيد بل (أطلق) الحج (فمن الميقات) يحج عنه (في الأصح) حملا على أقل الدرجات. والثاني: من بلده، لأن الغالب التجهيز للحج منه. وأجاب الأول بأن هذا ليس بغالب.
تنبيه: هذا إذا قال: حجوا عني من ثلثي، فإن قال: حجوا عني بثلثي فعل ما يمكن به ذلك من حجتين فأكثر، فإن فضل ما لا يمكن أن يحج به كان للوارث كما مر. (وحجة الاسلام) وإن لم يوص بها تحسب على المشهور (من رأس المال) كسائر الديون وأولى، وكذا كل واجب بأصل الشرع كالعمرة والزكاة والكفارة سواء أوصى به في الصحة أم في المرض.
وحجة النذر كحجة الاسلام على الأصح، كذا قالاه، قال ابن الرفعة: ومحله إذا التزمه في الصحة، فإن التزمه في المرض فمن الثلث قطعا، قاله الفوراني ونقله البلقيني عن الإمام وقال: ينبغي الفتوى به. (فإن أوصى بها من رأس المال أو) من (الثلث عمل به) وهو في الأولى تأكيد لأنه المعتبر بدونها، وفي الثانية قصد الرفق بالورثة لتوفير الثلثين فتزاحم الوصايا، بخلاف ما لو أوصى بعتق أم الولد من الثلث فإنها تعتق من رأس المال، لأن الاستيلاد إتلاف فلم تؤثر فيه الوصية، فإن لم يف الثلث بما ذكر لم يقدم الحج بل يوزع عليها وعلى الحج بالحصة ويكمل الواجب من رأس المال، كما لو قال اقضوا ديني من ثلثي فلم يف الثلث به، وحينئذ تدور المسألة لتوقف معرفة ما تتم به على معرفة ثلث الباقي. وطريق استخراجه فيما لو أوصى بحجة الاسلام من الثلث والأجرة لها مائة وأوصى لزيد بمائة والتركة ثلاثمائة أن يفرض ما يتم به الحج شيئا يبقى ثلاثمائة إلا شيئا انزع منها ثلثها وهو مائة إلا ثلث شئ اقسمه بين الحج وزيد نصفين، فنصيب الحج خمسون إلا سدس شئ، فيضم إلى ذلك الشئ مبلغ خمسين وخمسة أسداس تعدل مائة وذلك تمام الأجرة، فأسقط خمسين بخمسين يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمسين، وإذا كان خمسة أسداس الشئ خمسين كان الشئ ستين، فانزع الستين من رأس المال، ثم خذ ثلث الباقي وهو ثمانون اقسمه بين الوصيين يحصل لصاحب الوصية أربعون وللحج
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460