مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٨
في التركة جنسه فلاحدهما الاستقلال به، لأن لصاحب الحق أن يستقل بأخذ ذلك فلا يضر استقلال أحدهما به. وقضيته أنه يباح له ذلك، وأن المدفوع يقع موقعه، وهو كذلك وإن توقف الشيخان في جواز الاقدام. ويرد على إطلاق المصنف ما لو اختلفا في حفظ المال المنقسم فإنه يقسم بينهما نصفين، فإن تنازعا في تعيين النصف المحفوظ أقرع بينهما على الأصح في الروضة. وإذا تعين اجتماعهما على التصرف واستقل أحدهما به لم يصح تصرفه وضمن ما أنفق على الأولاد أو غيرهم، وعلى الحاكم نصب آخر إن مات أحدهما أو جن أو فسق أو غاب أو لم يقبل الوصاية ليتصرف مع الموجود، وليس له جعل الآخر مستقلا في التصرف، لأن الموصي لم يرض برأيه وحده. ولو ماتا مثلا جميعا لزم الحاكم نصب اثنين مكانهما.
ولو جعل الموصي على الوصيين مشرفا لم يتصرفا إلا بمراجعته، قال الأذرعي: ومحله فيما يحتاج إلى نظر، لا كشراء الخبز والبقل. قال في الكفاية: وليس للمشرف التصرف، ذكره في البحر. (و) عقد الايصاء جائز من الطرفين، وحينئذ (للموصي والوصي العزل متى شاء) كالوكالة، هذا إن لم تتعين عليه الوصية ولم يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض وغيره، وإلا فليس له ذلك، ولا ينفذ عزله كما بحثه ابن عبد السلام. قال الأسنوي: وعلى هذا لو لم يقبل هل يلزمه القبول؟ فيه نظر يحتمل اللزوم لقدرته على دفع الظالم بذلك، ويحتمل خلافه اه‍. والأوجه كما قال شيخنا الأول إن تعين طريقا في الدفع. قال الأذرعي: ولو غلب على ظن الموصي أن عزله لوصيه مضيع لما عليه من الحقوق أو لأموال أولاده باستيلاء ظالم أو لخلو الناحية عن قاض أمين فيظهر أنه لا يجوز له عزله اه‍. وهو حسن.
تنبيه: تسمح المصنف في إطلاق العزل بالنسبة للموصي، فإن العزل فرع الولاية، ولا ولاية قبل موت الموصي، فالأولى التعبير بالرجوع كما في الروضة وأصلها. (وإذا بلغ الطفل) رشيدا وكمل غيره، (ونازعه) أي الموصي أو نحوه كالأب (في الانفاق عليه) أو على ممونه، (صدق الوصي) ونحوه بيمينه في اللائق بالحال لأنه أمين، وقد تشق عليه إقامة البينة، فإن ادعى زيادة على النفقة اللائقة صدق الولد قطعا. (أو) نازعه (في دفع) المال (إليه بعد البلوغ) والرشد للطفل والكمال لغيره أو في تاريخ موت الأب، (صدق الولد) بيمينه على الصحيح المنصوص، لمفهوم قوله تعالى: * (فأشهدوا عليهم) * ولأنه لا يعسر إقامة البينة عليه. فإن قيل: هذه المسألة تقدمت في الوكالة فهي مكررة. أجيب بأن تلك في القيم المنصوب من جهة القاضي، فإن عبارته هناك: وقيم اليتيم الخ، وهذه في الوصي لا في قيم اليتيم، لكن تخصيصه الوصي بالذكر يوهم أن الأب والجد ليسا كذلك، وليس مرادا، بل هما كالوصي كما تقرر.
خاتمة: للوصي أن يوكل فيما لم تجر العادة بمباشرته لمثله كالوكيل، وقيل: يجوز مطلقا، وجرى عليه بعض المتأخرين كالأذرعي، ولا يخالط الطفل بالمال إلا في المأكول كالدقيق واللحم للطبخ ونحوه مما لا بد منه للارفاق، وعليه حمل قوله تعالى: * (وإن تخالطوهم) * الآية، ولا يستقل بقسمة مشترك بينه وبينه، لأن القسمة إن كانت بيعا فليس له تولي الطرفين، أو إقرارا فليس له أن يقبض من نفسه لنفسه. ولو باع له شيئا حالا لم يلزمه الاشهاد فيه بخلاف المؤجل. ولو فسق الولي قبل انقضاء الخيار لم يبطل البيع في أحد وجهين رجحه الأذرعي. ولو قال: أوصيت إلى الله وإلى زيد حمل ذكر اسم الله تعالى على التبرك. وإن خاف الوصي على المال من استيلاء ظالم فله تخليصه بشئ منه، * (والله يعلم المفسد من المصلح) *، قال الأذرعي: ومن هذا ما لو علم أنه لو لم يبذل شيئا لقاضي سوء لا تنزع منه المال وسلمه لبعض خونته وأدى ذلك إلى استئصاله، ويجب أن يتحرى في أقل ما يمكن أن يرضى به الظالم، والظاهر تصديقه إذا نازعه المحجور عليه بعد رشده في بذل ذلك وإن لم تدل القرائن عليه. قال: ويقرب من هذا قول ابن عبد السلام: يجوز تعييب مال اليتيم أو السفيه أو المجنون لحفظه إذا خيف عليه الغصب كما في قصة الخضر عليه السلام. وإذا كان الناظر في أمر الطفل أجنبيا فله أن يأخذ من مال الطفل قدر أجرة عمله، فإن كانت لا تكفيه أخذ
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460