مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٠
الميت. وحكى المصنف في شرح مسلم والأذكار وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة، واختاره جماعة من الأصحاب، منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وابن أبي الدم وصاحب الذخائر وابن أبي عصرون، وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وقال السبكي: والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه، إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته، وأقره النبي (ص) بقوله: وما يدريك أنها رقية؟ وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى اه‍. وقد جوز القاضي حسين الاستئجار على قراءة القرآن عند الميت، وقال ابن الصلاح: وينبغي أن يقول اللهم أوصل ثواب ما قرأنا لفلان فيجعله دعاءه، ولا يختلف في ذلك القريب والبعيد. وينبغي الجزم بنفع هذا لأنه إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي فلان يجوز بماله أولى، وهذا لا يختص بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال. وكان الشيخ برهان الدين الفزاري ينكر قولهم: اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان خاصة وإلى المسلمين عامة. لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه، كما لو قال: خصصتك بهذه الدراهم لا يصح أن يقول: وهي عامة للمسلمين قال الزركشي: والظاهر خلاف ما قاله، فإن الثواب قد يتفاوت، فأعلاه ما خص زيدا وأدناه ما كان عاما، والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء. وقد أشار الروياني في أول الحلية إلى هذا، فقال: صلاة الله تعالى على نبينا محمد (ص) خاصة وعلى النبيين عامة اه‍. وأما ثواب القراءة إلى سيدنا رسول الله (ص) فمنع الشيخ تاج الدين الفزاري منه وعلله بأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن فيه ولم يؤذن إلا في الصلاة عليه (ص) وسؤال الوسيلة، قال الزركشي: ولهذا اختلفوا في جواز الدعاء له بالرحمة وإن كانت بمعنى الصلاة لما في الصلاة من معنى التعظيم بخلاف الرحمة المجردة. وجوزه بعضهم، واختاره السبكي واحتج بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يعتمر عن النبي (ص) عمرا بعد موته من غير وصية. وحكى الغزالي في الاحياء عن علي بن الموفق - وكان من طبقة الجنيد - أنه حج عن النبي (ص) حججا، وعدها الفقاعي ستين حجة. وعن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري أنه ختم عن النبي (ص) أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه مثل ذلك اه‍. ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون، فإن مذهب الشافعي أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا تجوز كما صرح به المصنف في باب الأضحية، وعبارته هناك: ولا تضحية عن الغير بغير إذنه، ولا عن الميت إذا لم يوص بها. واعلم أنه قد تقدم أن المصنف أسقط القسم الثالث من أقسام الوصية وهو ما يتعلق بالحساب، ولا بأس بذكر طرق منه، فنقول: لو أوصى لزيد بمثل نصيب ابنه الحائز وأجاز الوصية أعطي النصف لاقتضائها أن يكون لكل منهما نصيب، وأن يكون النصيبان مثلين، وإن ردت الوصية ردت إلى الثلث. وإن أوصى له بنصيب كنصيب أحد أبنائه وله ابنان، فهو كابن آخر معهم، فلو كانوا ثلاثة كانت الوصية بالربع، وهكذا. وضابطه أن تصحح الفريضة بدون الوصية. وتزيد فيها مثل نصيب الموصي بمثل نصيبه، فإن كان له بنت وأوصى بمثل نصيبها فالوصية بالثلث، فإن الفريضة من اثنين لو لم تكن وصية، فيزاد عليهما سهم للموصى له. أو كان له بنتان فأوصى بمثل نصيب إحداهما فالوصية بالربع، لأن الفريضة كانت من ثلاثة لولا الوصية لكل واحدة منهما سهم فتزيد للموصى له سهما تبلغ أربعة.
وإن أوصى بمثل نصيب بنت وله ثلاث بنات، فالوصية بسهمين من أحد عشر لأنها من تسعة لولا الوصية فتزيدهما على التسعة تبلغ أحد عشر. ولو أوصى بمثل نصيب ابنه ولا ابن له وارث بطلت وصيته إذ لا نصيب للابن، بخلاف ما لو أوصى بمثل نصيب ابن ولا ابن له تصح الوصية كما في الكافي، وكأنه قال بمثل نصيب ابن لي لو كان. ولو أوصى وله ثلاثة بنين بمثل نصيب بنت لو كانت فالوصية بالثمن لأنها من سبعة، لولا الوصية، ونصيب البنت منها سهم فتزيد على السبعة واحدا تبلغ ثمانية. وإن أوصى لزيد بمثل نصيب أحد أولاده أو ورثته أعطي كأقلهم نصيبا لأنه المتيقن، فزد على مسألتهم لولا الوصية مثل سهم أقلهم، فلو كان له ابن وبنت فالوصية بالربع فيقسم المال كما يقسم بين ابن وبنتين. ولو أوصى بنصيب من ماله أو بجزء أو حظ أو قسط أو بشئ قليل أو كثير أو عظيم أو سهم أو نحو ذلك رجع إلى الوارث في تفسيره، ويقبل تفسيره بأقل متمول كما في الاقرار، فإن ادعى الموصى له زيادة حلف الوارث أنه لا يعلم إرادتها. ولو أوصى بالثلث إلا شيئا قبل تفسيره بأقل متمول وحمل الشئ المستثنى على الأكثر ليقع التفسير بالأقل. وإن قال:
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460