مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١١٢
(وابن السبيل) أي الطريق، (منشئ سفر) مباح من محل الزكاة، سواء أكان بلده أو مقيما فيه، (أو مجتاز) به في سفره، واحدا كان أو أكثر ذكرا أو غيره، سمي بذلك لملازمته السبيل وهي الطريق. وإنما أفرده المصنف مع أنه يصدق على ما ذكر تأسيا بالكتاب العزيز فإنه لم يرد فيه إلا منفردا، وهو حقيقة في المجتاز مجاز في المنشئ. وإعطاء الثاني بالاجماع، والأول بالقياس عليه، ولان مريد السفر محتاج إلى أسبابه. وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك رضي الله تعالى عنهما. (وشرطه) في الاعطاء لا في التسمية (الحاجة) بأن لا يجد ما يكفيه غير الصدقة وإن كان له مال في مكان آخر أو كان كسوبا أو كان سفره لنزهة، (وعدم المعصية) بسفره، سواء أكان طاعة كسفر حج وزيارة أو مباحا كسفر تجارة أو مكروها كسفر منفرد، لعموم الآية، بخلاف سفر المعصية لا يعطى فيه قبل التوبة. وألحق به الإمام السفر لا لقصد صحيح كسفر البهائم. ولو كان له مال غائب ووجد من يقرضه نقفي المجموع عن ابن كج أنه يعطى، وأقره، وهو المعتمد، وقيل: لم يعطى كما نص عليه في البويطي، ورد بأن النص ليس في الزكاة وإنما هو في الفئ. (وشرط آخذ الزكاة) أي من يدفع إليه منها (من هذه الأصناف الثمانية الاسلام) فلا تدفع لكافر بالاجماع فيما عدا زكاة الفطر، وباتفاق أكثر الأئمة فيها، ولعموم قوله (ص):
تؤخذ الصدقة من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم رواه الشيخان. نعم الكيال والوزان والحافظ والحمال ويجوز كونهم كفارا مستأجرين من سهم العامل، لأن ذلك أجرة لا زكاة. ولا يجوز أن يكون الكافر عاملا في الزكاة لأنا إن قلنا صدقة فلا حق له في الصدقة المفروضة، وإن قلنا أجرة فلا ينصب فيها لعدم أمانته كما يجوز أن يستعمل على مال يتيم أو وقف. (و) شرط آخذ الزكاة أيضا (أن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا) ولو انقطع عنهم خمس الخمس، لخلو بيت المال من الفئ والغنيمة، أو لاستيلاء الظلمة عليهما. وكذا يحرم عليهما الاخذ من المال المنذور صدقة كما اعتمده شيخي لعموم قوله (ص): إن هذه الصدقات لا تحل لمحمد ولا لآل محمد رواه مسلم، وقال: لا أحل لكم أهل البيت من الصدقات شيئا ولا غسالة الأيدي، إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم أي بل يغنيكم، رواه الطبراني.
نعم لو استعملهم الإمام في الحفظ أو النقل فله أجرته كما في المجموع عن صاحب البيان وجزم به ابن الصباغ وغيره. فإن قيل: هذا إما ضعيف أو مبني على أن يعطاه العامل أجرة لا زكاة، والصحيح كما قال ابن الرفعة أنه زكاة. أجيب بأن محل ذلك إذا استؤجروا للنقل ونحوه كما في العبد والكافر يعملان فيهما بالأجرة. (وكذا مولاهم) أي عتقاء بني هاشم وبني المطلب لا يحل لهم أخذ الزكاة (في الأصح) لخبر: مولى القوم منهم رواه الترمذي وغيره وصححوه. والثاني:
يحل لهم أخذها، لأن المنع للشرف في ذوي القربى وهو مفقود في مولاهم. وجرى على هذا في التنبيه وقال: إن الأول ليس بشئ، وهو قوي بدليل عدم كفاءتهم لمولاهم في النكاح وعدم استحقاقهم خمس الخمس. وادعى القاضي حسين أن المذهب أن مولاهم لا يلحق بهم، ومع هذا فالمشهور في المذهب هو الأول.
تنبيه: كلام المصنف يوهم حصر الشروط فيما ذكره وليس مرادا، فمنها الحرية فيما عدا المكاتب فلا يجوز دفع الزكاة إلى مبعض ولو في نوبة نفسه خلافا لابن القطان. ومنها أن يكون من بلد الزكاة على ما سيأتي على نقل الزكاة ومنها أن لا يكون ممن تلزمه نفقته، نعم تستثنى الزوجة إن كانت غارمة كما ذكره صاحب الخصال. ولو كان لشخص أب قوي صحيح فقير لا يجب عليه نفقته هل يجوز أن يدفع إليه من زكاته من سهم الفقراء أو لا؟ أفتى ابن يونس عماد الدين بالثاني وأخوه كمال الدين بالأول. قال ابن شهبة: وهو ظاهر، إذ لا وجه للمنع. وأفتى المصنف فيمن بلغ تارك الصلاة كسلا واستمر على ذلك أنه لا يجوز دفع الزكاة له بل يقبضها له وليه لسفهه، وإن بلغ مصليا رشيدا ثم طرأ ترك الصلاة ولم يحجر عليه جاز دفعها له وصح قبضه بنفسه. وأفتى ابن البرزي بجواز دفعها إلى فاسق إلا أن يكون المدفوع إليه يعنيه على المعصية فيحرم إعطاؤه. وقال المروزي: لا يجوز قبض الزكاة من أعمى ولا دفعها له بل يوكل فيها، لأن التمليك شرط فيه. قال ابن الصلاح. وفساد هذا ظاهر وعمل الناس على خلافه، وهو كما قال. ويؤيد الجواز ما
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460