مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٠٧
مال الزوج على مرحلتين. قال السبكي: ويحتاج القول بالأخذ مع ماله الغائب إلى دليل اه‍. دليله القياس المتقدم، قاله الرافعي: وقد يتردد الناظر في اشتراط مسافة القصر، بل ينبغي الجواز فيما دونها لأجل الحاجة الناجزة اه‍. ويرد بأن ما دونها في الحاضر فلم ينظروا إليه (و) لا يمنع الاخذ أيضا من الزكاة دينه (المؤجل) الذي لا يملك غيره، فيأخذ منها حتى يحل الاجل كما لو كان ماله غائبا.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق بين أن يحل قبل مضي زمن مسافة القصر أم لا. قال الرافعي: وقد يتردد الناظر فيه اه‍. وهذا إنما يأتي على المنقول، وأما على بحثه المتقدم فلا. ويجاب من جهة المنقول بأن الدين لما كان معدوما لم يعتبروا له زمنا، بل يعطى حتى يحل ويقدر على خلاصه بخلاف المال الغائب، ففرق فيه بين قرب المسافة وبعدها. (و) لا يمنع الاخذ منها أيضا (كسب) حرام أو (لا يليق به) أي بحاله ومروءته، لأنه يخل بمروءته فكان كالعدم. وإطلاق الكسب في الحديث المار محمول على الكسب الحلال اللائق. وأفتى الغزالي بأن أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب لهم أخذ الزكاة اه‍. وجرى عليه في الأنوار فقال: فلو كان من أهل بيت لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن وهو قوي قادر حلت له الزكاة. قال الدميري: وينبغي حمله على ما إذا لم يعتادوا ذلك للاستغناء عنه بالغنى، فأما عند الحاجة إليه والقدرة عليه فتركه ضرب من الحماقة ورعونات النفس فلا وجه للترفع عنه وأخذ أوساخ الناس، بل أخذها أذهب للمروءة من التكسب بالنسخ والخياطة ونحوهما في منزله، وقد أجر سيدنا علي رضي الله تعالى عنه نفسه، أي ليهودي يستقي له كل دلو بتمرة كما مر في الإجارة اه‍. والأول أظهر. (ولو اشتغل بعلم) شرعي كما في الروضة يتأتى منه تحصيله كما قاله الدارمي وأقراه، (والكسب يمنعه) من اشتغاله بذلك، (ففقير) فيشتغل به ويأخذ من الزكاة لأن تحصيله فرض كفاية. أما من لا يتأتى منه التحصيل فلا يعطى إن قدر على الكسب. وخرج بقوله: والكسب يمنعه ما لو كان لا يمنعه، فلا يعطى إذا كان يليق به مثله. ومثله في البسيط بالتكسب بالوراقة، يعني النسخ.
تنبيه: يؤخذ من التعليل المذكور أن من اشتغل بتعلم القرآن أو بما كان آلة للعلم الشرعي والكسب يمنعه ويتأتى منه تحصيله أن له الاخذ، وهو كذلك، وقد صرح به في الأنوار فقال: ولو قدر على الكسب بالوراقة أو غيرها وهو مشتغل بتعلم القرآن أو العلم الذي هو فرض كفاية أو تعليمه والاشتغال بالكسب يقطعه عن التعلم والتعليم حلت له الزكاة.
(ولو اشتغل بالنوافل) للعبادات وملازمة الخلوات في المدارس ونحوهما، (فلا) يكون فقيرا، وادعى في المجموع الاتفاق عليه، لأن الكسب وقطع الطمع عما في أيدي الناس أولى من الاقبال على النوافل مع الطمع. والفرق بين المشتغل بهذا وبين المشتغل بعلم أو قرآن بأن ذلك مشتغل بما هو فرض كفاية بخلاف هذا، ولان نفع هذا قاصر عليه بخلاف ذاك. وفي فتاوي أن البرزي: أنه لو نذر صوم الدهر وكان لا يمكنه أن يكتسب مع الصوم كفايته أن له أخذ الزكاة، وأنه لو كان يكتسب كفايته من مطعم وملبس ولكنه محتاج إلى النكاح فله أخذها لينكح لأنه من تمام كفايته اه‍. وهو ظاهر. وفي فتاوي القفال: أن مستغرق الوقت بالعبادة والصلاة آناء الليل والنهار يحل له أخذ الزكاة كالمشتغل بالفقه وإن كان قويا، أما غيره فلا وإن كان صوفيا اه‍. وفي قياسه على الفقه نظر لما تقدم من الفرق. (ولا يشترط فيه) أي فقير الزكاة الآخذ منها (الزمانة) وهي بفتح الزاي: العاهة، (ولا التعفف عن المسألة على الجديد) فيهما، لقوله تعالى: * (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * أي غير السائل، ولأنه (ص) أعطى من لم يسأل ومن سأل ومن لم يكن زمنا. والقديم يشترطان. ورجح في الروضة القطع بالأول، ونسبه في المجموع للجمهور. (والمكفي بنفقة قريب أو) نفقة (زوج ليس فقيرا) ولا مسكينا أيضا، فلا يعطى من سهمهما (في الأصح) لأنه غير محتاج كالمكتسب كل يوم قدر كفايته. والثاني: نعم، لاحتياجهما إلى غيرهما.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460