مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
تنبيه: محل الخلاف إذا كان يمكن الاخذ من القريب والزوج ولو في عدة الطلاق الرجعي أو البائن وهي حامل كما قاله الماوردي، وإلا فيجوز الاخذ بلا خلاف. وخرج بذلك المكفي بنفقة متبرع فيجوز له الاخذ، قال ابن قاضي عجلون في تصحيحه قول المنهاج في المكفي بنفقة قريب بأنه ليس فقيرا: يخالف تعبير المحرر والشرحين والروضة بأنه لا يعطى من سهم الفقراء، ورجح السبكي هذا الثاني اه‍. وجه ذلك كما قال شيخي: أن الفقير هو الذي لا مال له ولا كسب الخ، وهو شامل لهذا فلا يصح نفيه، لكنا أنزلناه منزلة لغي لكونه مكفيا فلا يعطى من سهم الفقراء، فالتعبير ب‍ لا يعطى أولى. ويعطي الزوج زوجته من سهم المكاتب والغارم والمؤلفة ومن سهم ابن السبيل، لا إن سافرت معه بإذن أو دونه أو وحدها بلا إذن فلا يعطيها منه لأنها في الأولى وإن انتفى الاذن مكفية بالنفقة لأنها في قبضته، وفي الثانية عاصية، وله أن يعطيها في الرجوع إليه لرجوعها عن المعصية. وإن سافرت وحدها بإذنه ، فإن وجبت نفقتها كأن سافرت لحاجته أعطيت من سهم ابن السبيل باقي كفايتها لحاجة السفر، وإن لم تجب نفقتها كأن سافرت لحاجتها أعطيت كفايتها منه. وإن سافرت وحدها بلا إذن أعطيت هي والعاصي بالسفر من سهم الفقراء، بخلاف الناشزة المقيمة فإنها قادرة على الغنى بالطاعة فأشبهت القادر على الكسب، والمسافرة لا تقدر على العود في الحال.
وللزوجة إعطاء زوجها الحر من سهم الفقراء والمساكين إذا كان كذلك، بل يسن كما قاله الماوردي. وأما المكاتب فاقتضى كلام الروضة وأصلها هنا أنه مكفي بنفقة قريبه، لكن صحح في زيادة الروضة: أن نفقته لا تجب على قريبه لأنه رقيق. ثم شرع في الصنف الثاني. فقال: (والمسكين من قدر على مال أو كسب) لائق به حلال (يقع موقعا من كفايته) لمطعمه ومشربه وملبسه وغيرها مما يحتاج إليه لنفسه ولمن تلزمه نفقته كما مر في الفقير. (ولا يكفيه) ذلك المال أو الكسب كمن يحتاج إلى عشرة ولا يجد إلا سبعة أو ثمانية، وسواء أكان ما يملكه نصابا أم لا كما مر في الفقير. قال الغزالي في الاحياء: المسكين هو الذي لا يفي دخله بخرجه، فقد يملك ألف دينار وهو مسكين، وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو غني، والمعتبر في ذلك ما يليق بالحال بلا إسراف ولا تقتير.
تنبيه: قد علم من ذلك أن المسكين أحسن حالا من الفقير خلافا لمن عكس، واحتجوا له بقوله تعالى: * (أما السفينة إ فكانت لمساكين) * حيث سمي مالكيها مساكين، فدل على أن المسكين من يملك شيئا يقع موقعا من كفايته، وبما روي من قوله (ص): اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا مع أنه كان يتعوذ من الفقر. والعبرة عند الجمهور كفاية العمر الغالب بناء على أنه يعطى كفاية ذلك، وهو المعتمد، وقيل:
كفاية سنة، بناء على أنه إنما يعطى كفاية سنة. وخرج بلائق به وحلال غير اللائق به والحرام فهو كمن لا كسب له. ولا يخرجه عن المسكنة أثاث يحتاجه في سنته، ولا ملكه ثياب شتاء يحتاجها في صيف ولا عكسه، ولا ملك كتب وهو فقيه يحتاجها للتكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة أو للقيام بفرض، لأن كلا منهما حاجة مهمة، وإن كان احتياجه لها في السنة مرة فتبقى له النسخة الصحيحة من النسخة المتكررة عنده فلا يبقيان معا لاغتنائه بالصحيحة، وإن كانت إحداهما أصح والأخرى أحسن يبقى الأصح، وإن كان له كتابان من علم واحد وكان أحدهما مبسوطا والآخر وجيزا بقي المبسوط إن كان غير مدرس بأن كان قصده الاستفادة، وإن كان مدرسا بقيا لأنه يحتاج لكل منهما في التدريس، ويبقى له كتب طب يكتب بها أو يعالج بها نفسه أو غيره، والمعالج معدوم في البلد، وكتب وعظ وإن كان ثم واعظ، إذ ليس كل أحد ينتفع بالوعظ كانتفاعه في خلوته، وعلى حسب إرادته، ولا يبقى له كتاب يتفرج فيه. والحاصل أن الكتاب يطلب للتعليم وللاستفادة فلا يمنع المسكنة كما تقرر. ويطلب للتفرج فيه بالمطالعة ككتب التواريخ والشعر فيمنع. ومن له عقار مثلا ينقص دخله عن كفايته فهو إما فقير أو مسكين. ثم شرع في الصنف الثالث، فقال: (والعامل) على الزكاة (ساع) وهو الذي يجبي الزكاة. (وكاتب) يكتب ما أعطاه أرباب الصدقة من المال ويكتب لهم براءة بالأداء وما يدفع للمستحقين. (وقاسم) وحاسب وعريف، وهو كنقيب القبيلة. وجندي وهو المشد على الزكاة إن احتيج إليه. (وحاشر) وهو اثنان: أحدهما من
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460