مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١١٧
قال: والقول بوجوب استيعاب الأصناف وإن كان ظاهر المذهب بعيد، لأن الجماعة لا يلزمهم خلط فطرتهم، والصاع لا يمكن تفرقته على ثلاثة من كل صنف في العادة. (وإلا) بأن قسم المالك أو الإمام ولا عامل بأن حمل كل من أصحاب الأموال زكاته إلى الإمام أو استأجر الإمام عاملا من بيت المال، (فالقسمة) حينئذ (على سبعة) لسقوط سهم العامل، فيدفع لكل صنف منهم سبع الزكاة قل عده أو كثر. (فإن فقد بعضهم) من البلد وغيره، (فعلى الموجودين) منهم، إذ المعدوم لا سهم له. قال ابن الصلاح: والموجود الآن أربعة: فقير، ومسكين، وغارم، وابن سبيل. وقال ابن كج: سمعت القاضي أبا حامد يقول: أنا أفرق زكاة مالي على الفقراء والمساكين لأني لا أجد غيرهم. ولعل هذا كان في زمنهم، وأما في زماننا فلم نفقد إلا المكاتبين، لكن جاء في الخبر: أن في آخر الزمان يطوف الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف فقد البعض صورتين: إحداهما فقد صنف بكماله كالمكاتبين، والثانية: فقد بعض صنف بأن لا يجد منه إلا واحدا أو اثنين، وفي زيادة الروضة: أنه يصرف باقي السهم إليه إن كان مستحقا، ولا ينقل لبلد آخر، فإن لم يوجد أحد منهم في بلد الزكاة ولا غيرها حفظت الزكاة حتى يوجدوا أو بعضهم، فإن وجدوا وامتنعوا من أخذها قاتلهم الإمام على ذلك كما قاله سليم في المجرد لأن أخذها فرض كفاية، ولا يصح إبراء المستحقين المحصورين المالك من الزكاة، وإن وجدوا في غير بلد الزكاة فسيأتي حكمه في نقل الزكاة. (وإذا قسم الإمام) أو نائبه المفروض إليه الصرف، (استوعب) وجوبا (من الزكوات الحاصلة عنده آحاد كل صنف) لأنه لا يتعذر عليه الاستيعاب، ولا يجب عليه أن يستوعب في زكاة كل شخص جميع الأصناف بل له أن يعطى زكاة شخص بكمالها لواحد، وأن يخص واحدا بنوع وآخر بغيره، لأن الزكوات كلها في يده كالزكاة الواحدة.
تنبيه: محل وجوب الاستيعاب كما قال الزركشي إذا لم يقل المال فإن قل بأن كان قدرا لو وزعه عليهم لم يسد لم يلزمه الاستيعاب للضرورة، بل يقدم الأحوج فالأحوج أخذا من نظيره في الفئ. (وكذا يستوعب) وجوبا المالك آحاد كل صنف (إن انحصر المستحقون في البلد) بأن سهل عادة ضبطهم ومعرفة عددهم، وسيأتي بيان ضابط العدد المحصور في باب ما يحرم من النكاح إن شاء الله تعالى. (ووفى بهم) أي بحاجتهم (المال) ويجب التسوية بينهم حينئذ، فإن أخل أحدهما بصنف ضمن ما كان يعطيه له ابتداء لكن الإمام إنما يضمن من مال الصدقات لا من ماله بخلاف المالك، قاله الماوردي.
(وإلا) أي وإن لم ينحصروا أو انحصروا ولم يف المال بحاجتهم، (فيجب) في غير العامل (إعطاء ثلاثة) فأكثر من كل صنف، لأن الله تعالى أضاف إليهم الزكوات بلفظ الجمع، وأقله ثلاثة، فلو دفع لاثنين غرم للثالث أقل متمول على الأصح في المجموع لأنه لو أعطاه ابتداء خرج عن العهدة، فهو القدر الذي فرط فيه، وقيل: يغرم له الثلث. أما العامل فيجوز أن يكون واحدا إن حصلت به الكفاية. (وتجب التسوية بين الأصناف) سواء أقسم الإمام أو المالك وإن كانت حاجة بعضهم أشد لانحصارهم، ولان الله تعالى جمع بينهم بواو التشريك، فاقتضى أن يكونوا سواء.
تنبيه: يستثنى من ذلك صورتان: الأولى العامل فإنه لا يزاد على أجرته كما مر. الثانية: الفاضل نصيبه عن كفايته، فإنه يعطى قدر كفايته فقط. و (لا) يجب على المالك التسوية (بين آحاد الصنف) لأن الحاجات متفاوتة غير منضبطة فاكتفي بصدق الاسم، بل يستحب عند تساوي حاجاتهم. فإن تفاوتت استحب التفاوت بقدرها، بخلاف الوصية لفقراء بلد فإنه يجب التسوية بينهم لأن الحق فيها لهم على التعيين، حتى لو لم يكن ثم فقير بطلت الوصية. وهذا لم يثبت الحق لهم على التعيين وإنما تعينوا لفقد غيرهم، ولهذا لو لم يكن في البلد مستحق لا تسقط الزكاة بل ينقل
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460