الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٨
وقال أكثر المعتزلة أنه مخلوق، وفيهم من منع من تسميته بذلك وهو قول أبي عبد الله البصري وغيره، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إنه مخلوق، وقال محمد: وبه قال أهل المدينة، قال الساجي: ما قال به أحد من أهل المدينة.
قال أبو يوسف: أول من قال بأن القرآن مخلوق أبو حنيفة، قال سعيد بن سالم: لقيت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة في دار المأمون فقال: إن القرآن مخلوق هذا ديني ودين أبي وجدي، وروي عن جماعة من الصحابة الامتناع من تسميته بأنه مخلوق وروي ذلك عن علي عليه السلام أنه قال يوم الحكمين: والله ما حكمت مخلوقا ولكني حكمت كتاب الله، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود، وبه قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فإنه سئل عن القرآن فقال: لا خالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله، وبه قال أهل الحجاز.
وقال سفيان بن عيينة: سمعت عمرو بن دينار وشيوخ مكة منذ سبعين سنة يقولون: إن القرآن غير مخلوق، وقال إسماعيل بن أبي يونس قال مالك: القرآن غير مخلوق، وبه قال أهل المدينة وهو قول الأوزاعي وأهل الشام وقول الليث بن سعد وأهل مصر وعبيد الله بن الحسن العنبري البصري، وبه قال من أهل الكوفة ابن أبي ليلى وابن شبرمة وهو مذهب الشافعي.
إلا أنه لم يرو عن واحد من هؤلاء أنه قال: القرآن قديم أو كلام الله قديم، وأول من قال بذلك الأشعري ومن تبعه على مذهبه، ومن الفقهاء من ذهب مذهبه.
دليلنا على ما قلناه: ما ذكرناه في الكتاب في الأصول ليس هذا موضعها منها فمنها قوله: ما يأتيهم من ذكر محدث من ربهم إلا استمعوه، فسماه محدثا وقال: إنا جعلناه قرآنا عربيا، وقال: بلسان عربي مبين، فسماه عربيا والعربية محدثة وقال: إنا نحن نزلنا الذكر، وقال: وأنزلنا إليك الذكر، فوصفه بالتنزيل، وهذه كلها صفات المحدث، وذلك ينافي وصفه بالقدم ومن وصفه بالقدم فقد
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»