مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٣٢
آدم عليه السلام في اخذ الذر فافهم.
وما يتوقف وجوده على الحق سبحانه فحسب - ايجادا وحكما - فهو الذي ينضاف إليه حكم الامكان من وجه واحد ويضاعف وجوه الامكان واحكامه على قدر الوسائط والشروط والتقدم والتأخر الاستعدادي المظهر والمثبت أولية الأشياء وآخريتها، وتعلق (1) العلم بالشئ في الحضرة العلمية المجردة من حيث صلاحيته لقبول التعين الوجودي والامر الارادي والتوجه الإلهي وتوقفه (2) على سبب أو أسباب (3) هو شهود ذلك الشئ في مرتبة امكانه (4).
ومعقولية مطلق هذا التعلق المذكور على الوجه المنبه عليه هو شهود الأشياء على الاطلاق في حضرة الامكان (5)، فالامكان والممكن والشهود والمشهود والتعلق والرؤية ونحو ذلك كلها نسب في علم الحق - لا أمور وجودية - وعلمه في حضرة أحدية ذاته المنبه على حكمها ليس بأمر زائد على ذاته، إذ لا كثرة هناك بوجه أصلا، تعالى الله الواحد الفرد عما لا يليق به.
فما لا حكم للامكان فيه ولا واسطة في حقه من مقام التركيب والقيد الزماني، هو عالم الامر، وما زاد على ما ذكرنا وخالفه في هذا النعت المذكور، فهو عالم الخلق (6)، فاعلم ذلك.

(1) - مبتداء خبره هو شهود ذلك الشئ... إلى آخره - ش (2) - عطف على صلاحيته - ش (3) - عطف على التعين وكذا التوجه - ش (4) - على وجه جزئي - ش (5) - على وجه كلي - ش (6) - اعلم أن الانسان لما كان - كما بينا - نسخة الحضرتين: حضرة الوجوب والامكان بما فيهما، ومرتبة الخلق والامر من جملة ما تضمنته الحضرتان، فهما في ضمن نسخة وجوده ومرتبيته، واستناد كل موجود إلى الحق سبحانه - كما ستعرفه - من وجهين: أحدهما سلسلة الوسائط والاخر ما لا واسطة فيه، وهو المعبر عنه بالوجه الخاص، فعالم خلق الانسان وكل شئ سلسلة وسائطه التي بينه وبين موجده، وما يقبله المخلوق من ربه ويقبل به دون وساطة شئ فهو عالم امره، ومتى تحقق العارف بربه رأى أن كل حقيقة من حقائق ذاته ذات وجهين: وجه يلي ربه دون واسطة، ووجه يليه سبحانه من حيث الوسائط، فكل ما تحوى عليه ذاته وذات كل شئ من وجه عالم الامر ومن الوجه الاخر المذكور عالم الخلق (الشرح).
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست