مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٣
وان اعتبرت الكثرة فيهما جمعا أو فرادى وجودية أيضا، قيل: خلق وسوى، أو ظاهر ومظاهر، أو صور شؤون وأسماء ونحو ذلك.
ومتى لم تعتبر الكثرة وجودية، بل نسبة راجعة إلى عين واحدة - كما هو ذوق المحقق المعتلى على العارف وذوقه - قيل: هي أسماء الحق وأحواله ونسبه ونحو ذلك من الأسامي المعرفة.
وان اعتبرت الكثرة من حيث الامر الجامع لها وعقلت متوحدة مجردة عن الصبغة الوجودية، فهي الظل المشار إليه المسمى بالامكان، وهو حقيقة العالم وعينه الثابتة من كونه عالما.
ومتى نظرت بعين الجمع رأيت حقا في خلق أو خلقا في حق ظاهرا به، أو رأيت الامرين معا عارفا بان هذا الاختلاف في التسمية والمرتبة الحالية يرجع لنسبتي الظهور والبطون بالظاهرية والمظهرية في المرتبتين المذكورتين، فالوجود الحق في ذوق هذا المقام مراة الأحوال المضافة إلى الكون، والتعددات المقول فيها انها أعيان العالم مراة لوجوده تعالى وقاضيات بتعدده.
ولمرتبة الانسان المتعينة في العماء الجمع بين حكمي الحضرتين جمعا أحاطيا وهو المراة لهما ولما ينضاف إليهما وكل ما اشتملتا عليه، وقد سبق التنبيه على ذلك.
ومن غلب حاله مشاهدة أحد الطرفين وانصبغ به، رأى خلقا فحسب - كجمهور الخلق - أو رأى حقا فقط - كأصحاب الشهود الحالي التوحيدي - وكل ذلك من حكم الظاهر والباطن، والظاهر أقوى حكما من الباطن واعم، لان نسبته لمرتبة الجمع الذي لا حكم لغيره الا به، وله الحكم المطلق بنفسه أتم، والباطن ليست له جمعية الظاهر، فله الحق، وللظاهر الجمع بين الحق والخلق.
ولما صح ان الحق لا يبطن عن نفسه لم يكن ظهوره له عن بطون متقدم، فأين البطون والظهور؟ فهما نسبتان لمنسوب واحد يتعينان لمن يتجدد ظهوره وادراكه، لا للحق
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست