وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٤٦
يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه، لأنه رافع لهم وحجة عليهم، ولهذا قال تعالى: (ابتغاء الفتنة) أي: الإضلال لأتباعهم إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهو حجة عليهم لا لهم، قوله تعالى: (وابتغاء تأويله) أي: تحريفه على ما يريدون.
ولأن تيار الذين في قلوبهم زيغ والذين في قلوبهم مرض يتلبس بالدين ويجلس في خيام القافلة، أقام الله الحجة بالكتاب وبالعترة التي لا يضرها من عاداها أو من خذلها أو من خالفها، لأنها شعاع يهدي، والله - تعالى - ينظر إلى عباده كيف يعملون، وتطهير أهل البيت والشهادة لهم بالعلم والعمل، والتحذير من مخالفتهم، وغير ذلك، وردت فيه أحاديث صحيحة، سنقدمها ونقابلها بما في منزلة هارون من موسى عليهما السلام.
1 مقام التطهير قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33]، قال ابن عباس: (يذهب عنكم الرجس) أي عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا، وقال الأزهري: الرجس: اسم لكل مستقذر من كل عمل، وقال ابن حجر: والمعنى: التطهير من الأرجاس والأدناس ونجاسة الآثام (1).
وروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33] " (2) وروي عن عمر بن أبي سلمة أنه قال: لما نزلت هذه .

(١) أنظر: الفتح الرباني: ١٨ / ٢٣٨.
(٢) رواه مسلم، الصحيح: ١٥ / ١٩٤، والحاكم، المستدرك: ٣ / 147.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست