وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٦٣
تغن عنهم الصحبة من الله شيئا، وقال: " إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أموت أبدا " (1)، ومعنى أن تعطي النتيجة قطع صلتهم بالنبي في الآخرة، أنهم قطعوا الصلة يوم أن سارت القافلة تحت سقف الامتحان والابتلاء لينظر الله إلى عباده كيف يعملون، قال تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت: 2 - 3].
وإذا كانت الدعوة الإلهية الخاتمة قد حذرت كل من يقترب من سبيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأي أذى، فإن الدعوة الإلهية إلى بني إسرائيل حذرت كل من يقترب من هارون وبنيه بأذى، جاء في العهد القديم أن الله كلم موسى عليه السلام، وأمره بأن يقدم سبط لاوي أمام هارون ليخدموه ويحفظوا شعائره، ويخدموا خيمة الاجتماع ويحرسوا أمتعتها، وقال له: " وتوكل هارون وبنيه فيحرسون كهنوتهم والأجنبي الذي يقترب يقتل " (2).
رابعا: رحيل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم لقد جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأدلة المقبولة، والمعجزات التي هي بلسان التواتر منقولة، وقد قال المسيح عليه السلام: من قبل ثمارهم تعرفونهم، وقد علم المخالف والموالف أن محمدا رسول الله لم تثمر شجرته عبادة غير الله ولم يشرك مع الله غيره، ولا جعل له ندا من خلقه ولا ولدا، ولا قال لأمته:
اعبدوا إلهين اثنين، ولا ثالث ثلاثة، ولا عبد رجلا ولا عجلا ولا كوكبا، بل دعا إلى ملة إبراهيم، إله واحد لا إله إلا هو، وأخلص لله وحده، ونزهه عن النقائص والآفات، وجاء بكتاب من عند الله أمر فيه بطاعة الله، نهى عن معصيته، وزهد في الدنيا ورغب في الآخرة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأمر ببر الوالدين، وصلة الرحم، وحفظ الجار، وفرض الصدقات، .

(١) رواه الحاكم والإمام أحمد، كنز العمال: ١١ / 197، وابن عساكر، كنز: 11 / 271.
(2) سفر العدد: 3 / 5 - 10.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 » »»
الفهرست