وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٥٧
عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) [الشورى: 23]، في هذه الآية جعل الله - تعالى - أجر رسالة النبي المودة في القربى، فأي قربى؟ إن مودة الأقرباء على الإطلاق ليست مما يندب إليه في الإسلام، قال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) [المجادلة: 22]، والذي يندب إليه الإسلام هو الحب في الله، وبما أن لكل شئ ذروة، فإن الحب في الله ذروته حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا قيل: إن المراد بالمودة في القربى، هو مودة قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم عترته من أهل بيته، ومن يتأمل في الروايات المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كحديث الثقلين وغيره، يجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دفع الناس في اتجاه أهل البيت لفهم كتاب الله بما فيه من أصول معارف الدين وفروعها وبيان حقائقه، وهذا لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم وجعلها أجرا للرسالة، إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إلى أهل البيت، على اعتبار أن لهم المرجعية العلمية.
وروي عن ابن عباس أنه قال: " لما نزلت هذه الآية: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) [الشورى: 23]، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداها " (1)، وعن أبي الديلم قال: " لما جئ بعلي بن الحسين أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أقرأت آل حم؟ قال:
نعم، قال: أما قرأت: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)؟
قال: فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم " (2).
.

(1) رواه الطبراني، وقال الهيثمي: فيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا، الزوائد: 9 / 168، وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(2) أخرجه ابن جرير، والبغوي، تفسير البغوي: 7 / 364، والمقريزي، فضائل أهل البيت، ص: 72.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست