فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٥٣
إجلالها وفي فضائل أهلها وتربتها ومن حل بها ومن دفن بأرضها وجميع ذلك ليس إلا باعتبار الإضافة والنسبة إلى الله تعالى وكونها عاصمة لنبيه الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
بل إن قاعدة التفاضل وتفاوت الدرجات ممتدة ومطردة على الدوام حتى بين الأنبياء والمرسلين والأوصياء والأولياء والشهداء والصالحين وأفراد المؤمنين. وكذلك بين الأوقات لاختصاص بعضها بفضائل وخصال معينة فشهر رمضان خير الشهور وليلة القدر أفضل ليالي ويوم عرفة أفضل الأيام.. وما إلى ذلك من الاختصاصات والتفاضلات بين الأعيان نتيجة تعلقها بالله سبحانه ونسبتها إليه.
وكانت تربة كربلاء هي التربة التي ضمت بين ثناياها أطهر الأجساد وأطيبها وهم أبناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذين سجلوا على صعيدها أعظم صفحات البذل والتضحية في سبيل الله سبحانه واختلطت ذراتها بدمائهم الزكية التي أهرقت قربة إليه جل وعلا فحري بها أن تلازم الإنسان المسلم في حله وترحاله وإقامته وتجاوله وتذكره دائما بما كتب عليها من معاني البطولة والفداء والبذل والعطاء وأن تكون نصب عينيه شاهدة عليه وكأنما تأخذ عليه البيعة كل يوم بالوفاء لتلك الدماء الطاهرة والالتزام بالخط الرسالي التضحوي الذي سلكه أصحابها الأبرار الذين قدموا أرواحهم قربانا إلى الله تبارك وتعالى.
إن تربة كربلاء هي رمز الجهاد الثوري الذي خاضه أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كفاحهم المرير ضد الظلم والاستكبار والفساد والانحراف.
وهي رمز الاعتزاز بالإسلام دينا ومنهجا للحياة في مواجهة القوى الشيطانية التي تسعى إلى استئصاله وإقصائه بعيدا عن ساحة الوجود.
كما أنها رمز الشجاعة والصمود في وجه الطغاة والمستبدين من أجل إحقاق الحق وتثبيت أركانه وإزهاق الباطل وتقويض بنيانه.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست