فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٥١
عصره وطاغوت دهره يزيد بن معاوية الذي تسلط على رقاب المسلمين بغير الحق وأذاقهم صنوفا وألوانا من المحن والمصائب من قتل وتشريد وانتهاك للحرمات والمقدسات وإهلاك للحرث والنسل وضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق وإحراقها وتدنيس حرمة المدينة المنورة واقتحامها وإباحتها وقتل الصحابة الأبرار فيها في وقعة الحرة وتخريب بيوتهم ونهب أموالهم وهتك أعراض بناتهم... إلى غير ذلك من الجرائم البشعة التي تقشعر الأبدان عند ذكرها وترعد الفرائص من مجرد سماعها وتشمئز النفوس من هؤلاء المجرمين الذين اقترفوها.
وقد سجل التاريخ أروع ملحمة بطولية على أرض كربلاء التي ارتوت بدماء الحسين عليه السلام وأهل بيته الأطهار وصحابته الأبرار تلك الدماء التي أريقت على صعيدها من أجل عزة الإسلام وإعلاء كلمة الله في يوم عاشوراء وقد دلت بعض الأحاديث على فضل هذه التربة الطاهرة ومكانتها السامية فترى الواحد منهم يحمل معه تربة نقية طاهرة منها كيما يسجد عليها لله رب العالمين.
ولا شك أنه أمر مستحسن فطريا أن يتخذ المصلي لنفسه تربة طاهرة طيبة يتأكد من طهارتها بخلوها من النجاسات ولا فرق في ذلك بين أن تكون من هذه الأرض أو تلك من حيث الأصل الواجب فهي كلها في الشرع سواء لا امتياز لإحداهن على الأخرى في جواز السجود عليها وما ذلك الحرص والاهتمام إلا لحفاظ المصلي على طهارة جسده وملبسه ومصلاه. وعليه فإن المسلم يقوم باتخاذ صعيد طيب لنفسه يسجد عليه في حله وترحاله وفي سفره وإقامته لا سيما في حال السفر لعدم الثقة بطهارة كل أرض ينزل بها ويتخذها مسجدا من المدن والفنادق وردهات المنازل والساحات العامة والمطارات ومحطات وسائل المواصلات المختلفة التي تشهد فئات من البشر من مختلف الملل والأجناس... من المسلمين وغيرهم من أخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين وبخاصة موضوع الطهارات والنجاسات.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست