فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٥٨
والإقامة فلما انتبه قبل الفجر قص الرؤيا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمره أن يلقن بلالا ما حفظه في تلك الرؤيا وأمر بلالا أن ينادي به أول الفجر ففعلا ذلك وشرع الأذان بهذه الرؤيا.
أخرج مالك في (الموطأ) باب: بدء الأذان بسنده عن يحيى بن سعيد أنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أراد أن يتخذ خشبتين يضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة فأري عبد الله بن زيد الأنصاري خشبتين في النوم فقال: إن هاتين لنحو مما يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: ألا تؤذنون للصلاة؟ فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين استيقظ فذكر له ذلك فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان " (1). وهذه القضية لا يقرها إخواننا الشيعة فهم يعتقدون أن الأذان من أمور الشرع التوقيفية التي أوحي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل ربه وأمر بتبليغها للناس ليعملوا بها وليس العكس. نعم هناك السنة التقريرية حيث إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقر عملا قام به واحد من الأمة كان يصوب عمل رجل يكدح من أجل عيشه أو يحسن عمل رجل قام بزرع نخلة وما إليه. ومع ذلك فإن هذه الأشياء لها أصل قد جاء به الشرع الحنيف. أما بالنسبة إلى الأذان فإنه ليس من مصاديق ذلك لأنه يتعلق بالوحي والتشريع لا سيما عند اعتباره من الأمور العبادية المحضة المنوطة بالشارع المقدس وحده.
أما في ما يتعلق بالنقطة الثانية وهي مسألة ألفاظ الأذان ومقاطعه فعند إخواننا أهل السنة ألفاظ الأذان كالآتي:
الله أكبر الله أكبر مرتين أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمد رسول الله مرتين

(1) ذكر قضية الأذان بالتفصيل كل من أبي داود والترمذي وأحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما. فراجع: نيل الأوطار للشوكاني: ج 2 ص 40 وأوردها الحلبي في باب: بدء مشروعية الأذان من سيرته وكل من ذكر عبد الله بن زيد من أصحاب التراجم أشار إلى هذه القضية وربما سموه صاحب الأذان.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست