سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٧٣
هذا هو الجمود الفكري، وهذه هي ضحالة العقول، وهذا هو التخلف الحضاري عندما تسير الأمة وراء عادات وتقاليد عارية من الحجة والبرهان، فمن طبيعة الإنسان أن يتسائل عن الصغير والكبير وعن كل شئ يحيط به فما بال هؤلاء يجمدون عقولهم على عادات وتقاليد خطها الآباء جهلا؟ فلماذا هذا التعصب ولماذا العناد؟ إنها القبلية التي واجهت الأنبياء في دعواتهم وهاهي تواجه اليوم إبراهيم (عليه السلام) * (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) * (1) وهم لها عابدين.
* (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين) * (2) فلا دليل لدينا سوى سجود الآباء لتلك الأصنام وتقديسهم لها ونحن نسير على ما خلفوه لنا، تقديس أعمى لا يوصل الحق بل نتيجته الانحراف والظلال.
الوسيلة الثانية التخويف * (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون) * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون إنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن أن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم " (3) هذا هو أسلوب القوم في المواجهة بعدما بحثوا عن البرهان فلم يجدوه فلجأوا إلى التخويف، تخويف إبراهيم من الأصنام المعبودة ومما تملك من قوى غيبية كما يتصورون فقالوا له إنا نخاف عليك من تلك الآلهة فإنها قادرة على أن تمسك بسوء فاحذرها ولا تعترضها بشئ فقال لهم إنكم أولى بطلب الأمن مني فأنا معي ربي في كل لحظة وفي كل خطوة، فهو يتحداهم ويتحدى أصنامهم، يتحدا تلك الأحجار الهامدة والأجسام الصامتة التي لا حول لها ولا قوة فهذا درسا جديدا

(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»