سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٦٢
إبراهيم (عليه السلام) رحلة جديدة في أعماق التاريخ لنرى من خلالها الماضي الذي يعتبر نقطة انطلاق للمستقبل في الخير والشر، رحلة جديدة مع نبي جديد ومأساة جديدة ومعاناة جديدة وعناد واستكبار ولجاج وغرور من قوم جديد، ونحن ننظر في التاريخ مخلفين الزمان ورائنا وجدنا شمعة أبرقت في الماضي السحيق لتنير الطريق للأجيال وتحدد العبر والمواعظ لمن أراد أن يتعظ، فالتاريخ دروس وعبر، دروس تحدد مستوى المتلقين في ذلك الزمان، وعبر تحدد مدى عقول المتعظين في المستقبل.
ونحن نقلب ذلك التاريخ الماضي وجدنا رمزا من رموز الإنسانية وفكرا إلهيا جديدا وعلما يحدد لقومه الطريق، ووجدنا قوما يستكبرون كلما تزداد الشمعة اتقادا وينحرفون كلما يوجه إليهم دعاءا، وا أسفاه إنها مهزلة العقل البشري، إنها مهزلة ندرسها من خلال المجابهة بين المصلح والمنحرف ومن خلال أساليب المواجهة بينهم، فلماذا هذا الاستكبار؟ ولماذا هذا العناد؟ ولماذا هذا الانحراف؟
ألم تكن لديهم عقول؟ فما هو السر؟ كل ذلك نعرفه من خلال الالتفات إلى الوراء إلى النقطة التي منها انطلقنا إلى التاريخ الذي يحدد تلك المواجهات.
وحان الوقت ووصلت رحلة التاريخ إلى إبراهيم (عليه السلام) إلى صاحب القلب الكبير الذي يستغفر لمن يرجمه، إلى الشمعة التي ننظر إلى بصيصها في التاريخ رغم كل التحريفات التي مرت بها الكتب عبر الزمان، دعونا من كل الكتب ولنعطف القلم إلى كتاب الله الكريم إلى من سلم من كل تحريف وزيغ، فلننظر إلى القرآن المجيد وهو يحدثنا عن إبراهيم (عليه السلام) حيث يقول:
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»