التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ٨٧
الناسوت بالنزول، وعن الفيض النازل من سماء الأحدية إلى الأراضي الخلقية والعطاء المفاض على العباد والرحمة الواسعة في البلاد بالماء الذي به حياة الأشياء، وعن هياكل الماهيات وشيئيات المتعينات بالأودية، وعن اختلاف مراتب استعداداتها وتشتت منازل قبولها بالقدر.
ومعلوم أن الفيض الواحد النازل في تلك المنازل المتعددة، الراحل في هذه المراحل المتشتتة يتكثر بتكثرها ويتطور بتطورها ويتعين بتعينها، فأفاد تعالى جده وحدة الفيض النازل ذاتا وتكثره عرضا في أودية الماهيات بأحسن بيان وأجمل تبيان.
وفي آثار أهل بيت النبوة ومعدن العلم والحكمة إشارات ورموزات وتلويحات وتصريحات إلى ما ذكرنا أكثر من أن تحصى (1).
وأما العقلي: فلما حقق في مدارك أرباب الحكمة المتعالية (2) أن الوجود مع وحدته ذو مراتب متفاوتة طولا وعرضا بالعرض، وهذا مما صدقه البرهان، ووافقه كشف أصحاب القلوب والعرفان، فليس التكثر في الوجود بحسب الذات والحقيقة، وليس فيه حيث وحيثية ولا تفرق وغيرية في أي منزل من المنازل كان، وفي أي صورة من الصور بان، وفي كلمات أصحاب القلوب والمعرفة وأرباب السلوك والطريقة ما يفيد ما ذكرنا تلويحا وتصريحا أكثر من أن تحصى (3) ولم يحضرني الآن من كتبهم فمن أراد فليرجع إليها.
وأما سائر الموجودات المتعينة حتى القاطنين في عالم العقل والمتوطنين في وعاء الدهر ليست من ذاتها الوحدة والتفرد ويعرض لها التكثر، كما أفاد هذا العارف

1 - شرح أصول الكافي لصدر المتألهين 3: 15، الشواهد الربوبية: 140.
2 - الأسفار 1: 35.
3 - تمهيد القواعد: 114، شرح القيصري على الفصوص: 5.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست