التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ٨٦
الأنس وموطن الفردانية، وكتب عليها الفرار عن دار الفراق، والوحشة والخلاص عن محل الظلمة والكدورة، وهذا أيضا من مودعات حضرة الجمع والأحدية كما قال الشيخ " صاحب الفتوحات ": والقابل من حضرة الجمع (1).
والقيوم جل برهانه وعظم شأنه وسلطانه حيثما أحب بالحب المستكن في ذاته المقدسة إظهار الكنوز المختفية من حضرة الغيب إلى الشهادة، ومن مقام الجمع إلى التفصيل، لرؤية ذاته المقدسة في المرائي الخلقية، وشهود الظاهر المبدع في المظاهر المبدعية، تجلى بالفيض المقدس الإطلاقي والاسم الأعظم المعبر عنه تارة بالمشية المطلقة، وأخرى بالولاية الكلية، وثالثة بالرحمة الواسعة، ورابعة بالحقيقة المحمدية، وخامسة بعلوية علي عليه السلام، وسادسة بنفس الرحمن ومقام حضرة العلمية، إلى غير ذلك من الإشارات والعبارات حسب اختلاف المقامات.
عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير (2) وهذا الفيض النازل من حضرة الجمع هو الواحد المتكثر، والدليل على ذلك من وجهين نقلي وعقلي:
أما النقلي: فقوله تعالى شأنه وعظمت قدرته: * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا) * (3) حيث عبر عن حضرة الجمع والهوية الغيبية بالسماء لسمو مرتبته وعلو شأنه، وتنزهه عن جميع النقائص، وتقدسه عن قاطبة الكثرات، وعن تجليه تعالى في هياكل الممكنات وظهوره في مظاهر الموجودات وعبور فيضه عن عوالم المجردات إلى غواسق الماديات ومن عوالي عالم الجبروت إلى سوافل عالم

١ - انظر الفتوحات المكية ٣: ٥٠٦.
٢ - جامع الأسرار ومنبع الأنوار: ٧٥.
٣ - الرعد: ١٧.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست