مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٠٥
في الرقاب أو ابن السبيل إذ جعل السبيل نفس أعانته من حيث احتياجه بملاحظة أن لكل كبد حراء أجرا و أما المؤلفة فلا ريب في عدم اعتبار الاسلام فيهم فضلا عن الايمان لان إعطائهم ليس من باب الإعانة وسد الخلة لذا لا يعتبر فيهم الفقر أيضا وأما من سهم العاملين فلا يجوز أيضا بناء على اشتراط العدالة فيهم كما أدعى عليه الاجماع وإلا فالظاهر أنه لا بأس بإعطائه ليس من باب الإعانة وسد الخلة بل بإزاء العمل الذي يعود نفعه إلى أهل الصدقات فهو في الحقيقة صرف في مصالح المستحقين لا في العاملين من حيث أنفسهم فهو نظير ما لو دفع إلى المخالف من باب الإعانة و سد الخلة بل لقيامه بمصلحة من المصالح كالغزو وحفظ الطرق وسد الثغور ونحوها فهذا مما لا شبهة في جوازه وخروجه عن منصرف الأخبار الناهية عن صرفها إلى غير الموالين كما لا يخفى على المتأمل ومع عدم المؤمن وتعذر صرفه في مصرف آخر مما يجوز صرف الزكاة فيه كبناء مسجدا أو قنطرة ونحوهما تحفظ إلى حال التمكن منه ولا تعطى المخالف فضلا عمن عداهم من الكفار على المشهور بل في الجواهر بلا خلاف أجده بل يمكن تحصيل الاجماع عليه لاطلاق الروايات الحاصرة موضعها في أهل الولاية والناهية عن صرفها إلى من عداهم وخصوص خبر الأوسي المتقدم الذي ورد فيه الامر بالانتظار إلى أربع سنين وإلقائه في البحر أن لم يصب لها أحدا يعني من الشيعة ولعل ما في ذيله من الامر بالقائها في البحر على تقدير أن لا يصيب لها أحدا من الشيعة في تلك المدة الذي هو مجرد فرض لا يكاد يتفق حصوله في الخارج للتنبيه على أن إلقائها في البحر وإتلافها لدى تعذر إيصالها إلى الشيعة أولى من إيصالها إلى المخالفين الذين حرمها الله عليهم على سبيل الكناية وكيف كان فهذه الرواية صريحة في عدم جواز صرفها إلى المخالفين حتى مع اليأس عن التمكن من إيصالها إلى الشيعة وقد حكى في الحدائق عن بعض أفاضل متأخري المتأخرين أنه نقل قولا بجواز إعطاء المستضعف عند عدم المؤمن من غير تصريح بقائله كما في زكاة الفطر لدى المصنف و غيره ممن سيأتي الإشارة إليه واستدل له بخبر يعقوب بن شعيب الحداد عن العبد الصالح (ع) قال قلت له الرجل منا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ما له قال يضعها في إخوانه وأهل ولايته فقلت فإن لم يحضره منهم فيها أحد قال يبعث بها لهم قلت فإن لم يجد من يحملها إليهم قال يدفعها إلى من لا ينصب قلت فغيرهم قال ما لغيرهم إلا الحجر وأجاب المصنف (ره) عن هذه الرواية في محكى المعتبر بضعف السند والعلامة في محكي المنتهى بالشذوذ أقول فيشكل حينئذ دفع اليد بواسطتها عن ظواهر النصوص الدالة بظاهرها على اختصاصها بأهل الولاية وإلا فلو أغمض عن ذلك لأمكن تقييد ساير الاخبار بالحمل على ما لا ينافي هذه الرواية خصوصا خبر الأوسي بواسطة ما فيه من التعليل كما لا يخفى على المتأمل ونسب إلى الشيخ واتباعه بأنه يجوز صرف الفطرة خاصة مع عدم المؤمن إلى المستضعفين من المخالفين كما هو مختار المصنف في الكتاب لموثق الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان جدي يعطي فطرته الضعفاء ومن لا يجد ومن لا يتولى قال وقال أبو عبد الله هي لأهلها الا ان لا تجدهم فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب ولا تنقل من ارض إلى ارض وقال الامام اعلم يضعها حيث يشاء و يصنع فيها ما يرى وصحيحة علي بن يقطين انه سئل أبا الحسن الأول عن زكاة الفطرة أيصلح ان تعطى الجيران والظؤرة ممن لا يعرف ولا ينصب فقال لا باس بذلك إذا كان محتاجا وخبر مالك الجهني قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن زكاة الفطرة فقال تعطيها المسلمين فإن لم تجد مسلما فمستضعفا واعط ذا قرابتك منها ان شئت وخبر علي بن بلال قال كتبت إليه هل يجوز ان يكون الرجل في بلدة ورجل آخر من اخوانه في بلدة أخرى محتاج ان يوجه له فطرة أم لا فكتب يقسم الفطرة على من حضر ولا يوجه ذلك إلى بلدة أخرى وان لم يجد موافقا وموثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قال سئلته عن صدقة الفطرة أعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني قال نعم الجيران أحق بها لمكان الشهرة وحكي عن الشيخ المفيد والسيد المرتضى وابن الجنيد وابن إدريس وجمع من الأصحاب المنع مطلقا بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن الانتصار والغنية دعوى الاجماع عليه اخذا باطلاق الأخبار الناهية عن دفعها إلى غير المؤمن واطلاق صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال سئلته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف قال لا ولا زكاة الفطرة وخبر الفضيل بن شاذان المروي عن العيون عن الرضا عليه السلام انه كتب إلى المأمون وزكاة الفطر فريضة إلى أن قال ولا يجوز دفعها الا إلى أهل الولاية وحكي عن المصنف في المعتبر انه بعد نقل اخبار الطرفين قال والرواية المانعة أشبه بالمذهب لما قررته الامامية من تضليل مخالفيها في الاعتقاد وذلك يمنع الاستحقاق انتهى وفيه ان مانعيته عن الاستحقاق ليس امرا عقليا بل حكم شرعي مستفاد من الاخبار الحاصرة للمستحق باهل الولاية والناهية عن دفعها إلى غيرهم وهي غير أبية الحمل على ما لا ينافي هذه الأخبار كما تقدمت الإشارة إليه انفا فمقتضى القاعدة الجمع بينها بتقييد المطلقات بحال وجود المؤمن ولكن قد يشكل ذلك بما في بعض هذه الأخبار من أفادت التقية اما موثقة إسحاق فظاهرها على ما يقتضيه اطلاق الجواب من غير استفصال وما فيها من التعليل المناسب للعموم ارادته على الاطلاق من اشتراطه بعدم المؤمن ولا بعدم النصب فهي واردة مورد التقية كما يفصح عن ذلك التعليل بمكان الشهرة إذ المراد به على الظاهر بيان ان الامر باعطاء غير الموالي من جيرانه لأجل التقية والتحرز عن أن يشتهر بينهم كونه رافضيا ومن هنا قد يغلب على الظن ان الامر بقسمته الفطرة على من حضر وعدم نقلها إلى بلد اخر وان لم يجد موافقا من غير تقييد الدفع إلى غير الموافق بعدم النصب ولا بعدم المؤمن من لم يكن الا للعلة المذكورة في الموثقة اي مراعاة التقية وكذلك الكلام في صحيحة محمد بن مسلم فان ظاهرها إرادة الاطلاق وليس تقييده بصورة تعذر الايصال إلى المؤمن التي هي فرض نادر جمعا بينها وبين غيرها من الأدلة بأهون من ابقائها على ظاهرها من إرادة الاطلاق رعاية للتقية المناسبة لحال السائل بل هذا أولى واما خبر مالك فلا يمكن الالتزام بظاهره اللهم الا ان يحمل على إرادة خصوص المؤمن من المسلم وهو غير عزيز في الاخبار وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه للقيل بالجواز هي موثقة الفضيل والاعتماد على خصوص هذه الموثقة في مقابل العمومات والاطلاقات الكثيرة المعتضدة بنقل الشهرة والاجماع مشكل ولكن دفع اليد عن النص الخاص بمثل هذه الاطلاقات القابلة للصرف لو لم نقل بانصرافها بنفسها إلى صورة وجود المؤمن أشكل فيما ذهب إليه المصنف (ره) من القول بالجواز أشبه وقد ظهر بما ذكرناه في توجيه موثقة إسحاق وغيرها مما دل بظاهره
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»