مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١١٦
يحصل الجزم بذلك لا يكون فهمهم حجة على من لم يفهم منه ذلك هذا مع أن منشاء هذه النسبة بحسب الظاهر ليس الا ان الأصحاب فهموا منه اعتبار النصاب فزعم التنافي بينه وبين فهم المماثلة من حيث النوع وقد أشرنا إلى عدم التنافي وان ظاهره المماثلة في المقدار ولكن المقدار المتقوم بعين المثل لا بقيمته واما المرسلة فمع ان الغالب على الظن كونها نقلا لمضمون هذه الصحيحة على حسب ما فهمه المفيد فلا تصلح صارفة لها عن ظاهرها انه لا منافاة بينها وبين اعتبار المماثلة من حيث النوع إذ لا دلالة فيها على ثبوت الخمس في كل كنز بلغ هذا الحد من أي نوع يكون كي يكون عمومه شاهدا على ارادته من حيث المالية لا من حيث الوزن الذي يبعد ارادته في سائر أنواع الكنوز فالانصاف ان القول بالاختصاص أوفق بظاهر الصحيحة ولكن قد يشكل ذلك بان قضية اطلاق المثل اعتبار المماثلة مطلقا حتى في اعتبار كونه مسكوكا فان كونه كذلك كبلوغه حد النصاب من الجهات الداخلية المعتبرة في الموضوع الذي فيه الزكاة مع أن الالتزام به في ما يجب الخمس فيه لا يخلو عن اشكال حيث إن القائلين بالاختصاص ظاهرهم بل صريح بعضهم كالحلي في السرائر عدم الفرق بين المسكوك وغيره فيشكل الالتزام باعتباره بعد عدم معروفية قائل به أو ندرته وهذا وان لم يكن مانعا عن ظهورها في إرادة المماثلة من حيث النوع والقدر فإنهما في حد ذاتهما من اظهر الجهات التي يمكن ارادتهما من اطلاق المثل بخلاف مقدار المالية التي هي صفة اعتبارية ولكنه يوهن الاعتماد عليه في رفع اليد عما يقتضيه اطلاقات الأدلة الواردة في الكنز المعتضدة بالشهرة وبعموم الغنيمة والفائدة الواردتين في الكتاب والسنة خصوصا بعد الالتفات إلى إرادة مقدار المالية من مثل هذا التعبير الواقع في هذه الصحيحة في صحيحته الأخرى الواردة في المعدن التي قد أشرنا فيما سبق إلى أن الغالب على الظن ورودها مع هذه الصحيحة في مجلس واحد فيظن بذلك ان الملحوظ لديهم في هذا التشبيه لم يكن الا جهة المالية هذا كله مع امكان ان يدعى ان المراد بالوجوب في قوله عليه السلام ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس ليس الوجوب بمعناه المصطلح كي يختص مورده بالنقدين بل مطلق الثبوت ولو على سبيل الاستحباب فيعم ساير أنواع الكنوز إذا بلغت حد النصاب حيث يتعلق بمثله الزكاة في الجملة فيما لو كان متخذا للتكسب وليس حمل الوجوب على إرادة هذا المعنى بأبعد من صرف المثل عن ظاهره بحمله على مجرد المماثلة في المالية أو بحمله على المماثلة من حيث النوع والقدر المستلزم لارتكاب التخصيص في عمومات أدلة الكنوز اللهم الا ان يدعى انصراف ما يجب في مثله الزكاة عن مثل مال التجارة ولو على القول بوجوب الزكاة فيها حيث إنها لا تتعلق به من حيث هو بل بشرط اتخاذه للتكسب فينصرف عنه اطلاق اللفظ ولكنه لا يخلو عن تأمل وكيف كان فالقول بوجوب الخمس في سائر أنواع الكنوز كما هو المشهور ان لم يكن اقومي فهو أحوط والله العالم ويعتبر فيه النصاب بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه كما أنه لا خلاف على الظاهر في أن نصابه بلوغه حدا يجب في مثله الزكاة وما حكاه في الجواهر عن الغنية من القول بان نصابه بلوغ قيمة دينارا مدعيا عليه الاجماع بحسب الظاهر اشتباه نشأ من غلط النسخة المحكى عنها هذا القول وإلا فعبارة الغنية صريحة في خلافه فان صورتها هكذا ويعتبر في الكنوز بلوغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة وفي المأخوذ بالخوض بلوغ قيمته دينارا فصاعدا بدليل الاجماع المتكرر انتهى فكان النسخة التي عثر عليها صاحب الجواهر قدس سره كانت مشتملة على السقط وكيف كان فالأصل في هذا الحكم هو الصحيحة المزبورة و يشهد له أيضا مرسلة المفيد المتقدمة التي هي نص في ذلك ولكن قد أشرنا إلى غلبة الظن بكونها نقلا لمضمون الصحيحة لا رواية أخرى مستقلة فالعمدة هي تلك الصحيحة وهى غير قاصرة عن إفادة المدعى أي اشتراط بلوغ النصاب كما تقدمت الإشارة إليه ويؤيده أيضا فهم الأصحاب وفتويهم و نقل اجماعهم عليه فهذا اجمالا مما لا شبهة فيه ولكن الشان في تشخيص ما أريد بالمثل في الرواية فإنه مما يختلف به الحد المزبور لأنه ان أريد بمثله ما يماثله على الاطلاق فان قيل باختصاصه بالنقدين ابقاء اللفظ المثل والوجوب على ظاهرهما فنصاب كل منهما ما هو نصابه في باب الزكاة كما هو واضح وان قيل بالتعميم وصرف الوجوب عن ظاهره وحمله على مطلق الثبوت مع ابقاء لفظ المثل على ظاهره من المماثلة الحقيقية من جميع الجهات كما نفينا البعد عنه فيتجه ما حكى عن غير واحد بل لعله اشهر الأقوال التفصيل بين ما إذا كان من أحد النقدين فيعتبر فيه بلوغ عينه نصابهما وان كان من غيرهما فبلوغ قيمته اما عشرين دينارا أو مأتى درهم كما هو الشان في مثله على تقدير تعلق الزكاة به كما تقرر في زكاة مال التجارة وان أريد بمثله قيمته أي النقد الذي يقدر به مقدار ماليته ويقع عوضا عنه غالبا في المعاملات ويعد مثلا له في باب الغرامات من الدراهم والدنانير المساوية له في مقدار المالية فاطلاق المثل عليه اما لمماثلتهما في المالية أو لوقوعه تداركا له وبد لا عنه فهو مثل حكمي له كما أن ما يشاركه ذاتا مثل حقيقي له وكيف كان فمقتضى اطلاق النص على هذا التقدير بلوغ قيمته نصاب أحد النقدين من غير فرق بين كونه بنفسه من أحدهما أم لا فلو كان سبعة دنانير أو ثمانية أو تسعة قيمتها ماتا درهم كما في هذه الاعصار أو كان مائة درهم في زمان أو مكان قيمتها عشرون دينارا وجب فيه الخمس فإنه يصدق انه يجب في مثله الزكاة بالمعنى المزبور ودعوى ان الظاهر من المماثلة هو ان يبلغ ما كان من أحد النقدين نصابه وان كان من غيرهما فيكفي قيمة أحدهما فيصدق على عشرة دنانير انه لا يجب في مثله الزكاة بخلاف مقدار من الحديد يسوى عشرة دنانير وماتي درهم مدفوعة بأنه ان أريد بالمثل مثله الذي هو عبارة عن النقد المساوي في المالية فلكل شئ مثلان بهذا المعنى أحدهما من جنس الدراهم والاخر من جنس الدنانير ففي العشرة دنانير لا يجب في أحد مثليه الزكاة وتجب في الاخر وكذا الحديد المفروض انه يسوى عشرة دنانير كما أنه لو فرض العشرة الدنانير مسكوكة بسكة قديمة مرغوبة عند الناس بحيث بلغت قيمتها اما لجودة جوهرها أو لمرغوبية سكتها عشرين دينارا يصدق انه يجب في مثلها الزكاة مطلقا سواء قدر مثلها بالدراهم أو الدنانير كما أنه ينعكس الامر لو فرض عكسه بان وجد كنزا مشتملا على عشرين دينارا ولكن لرواية جوهره لا يسوى في هذا الزمان بهذه القيمة ولا بمأتي درهم مثلا يصدق عليه انه ليس في مثله الزكاة وان أريد مثله الحقيقي ففي الحديد أيضا
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»