مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
المقتضية له وراء الجهة المزبورة كقوله عليه السلام في خبر يونس ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم والحاصل ان من تدبر في تلك الأخبار والتفت إلى العوارض المقتضية للعفو عن الخمس الموجودة في عصر صدورها الرأي قصورا غلبها عن إفادة الإباحة المطلقة نعم بعضها كرواية أبى خديجة نص في ذلك ولكن لا عموم لها من حيث المورد بل هي واردة في المناكح والمتاجر والمواريث والعطايا وستعرف استثناء هذه الأمور عما يجب فيه الخمس كما أن جملة من الأخبار الواردة في تحليل أمهات الأولاد أيضا ظاهرة في ذلك وهو مما نلتزم به كما ستعرف ثم لو سلم ظهور الاخبار في العفو عن مطلق الخمس أو خصوص الأرباح مطلقا لوجب رفع اليد عنه بالاخبار المتقدمة الصادرة عن أبي الحسن الرضا ومن بعده من الأئمة المعصومين صلوات عليهم أجمعين الصريحة في عدم رضاهم بالمسامحة في أمر الخمس ووجوب ايصاله إلى مستحقيه مضافا إلى ما علم من حالهم من نصب الوكلاء لقبض حقوقهم من الأخماس وغيرها واما التوقيع المروى عن صاحب الامر عجل الله فرجه فلعله وقع جوابا عن السؤال عن قسم خاص من الخمس فأشير بقوله عليه السلام واما الخمس إلى ذلك القسم لا جنسه كما ربما يستشعر ذلك من تعليل حله بطيب الولادة وعدم خبثها فإنه لا يقتضى الا تحليل ما يتعلق بالمناكح وعلى تقدير إرادة الجنس فهو معارض باخبار اخر مروية عنه عليه السلام مثل ما رواه سعيد بن هبة الله الراوندي في الخرائج و الجرائح عن أبي الحسن المسترق عن الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة عن عمه الحسين في حديث عن صاحب الامر عليه السلام انه رآه وتحته عليه السلام بغلة شهبا وهو متعمم بعمامة خضراء يرى منه سواد عينيه وفي رجله خفان حمراوان فقال يا حسين كم ترزا على الناحية ولم تمنع أصحابي عن خمس مالك ثم قال إذا مضيت إلى الموضع الذي تريده تدخله عفوا وكسبت ما كسبت تحمل خمسه إلى مستحقه قال فقلت السمع والطاعة ثم ذكر في اخره ان العمرى اتاه واخذ خمس ماله بعد ما اخبره بما كان وغير ذلك مما سيأتي نقله عند التكلم في حكم سهم الإمام عليه السلام مضافا إلى عدم صلاحية مثل هذه الأخبار الغير المدونة في الكتب الأربعة لا ثبات حكم شرعي ما لم يعتضد بعمل الأصحاب فضلا عما لو كان موهونا بمخالفة المشهور أو المجمع عليه خصوصا في مثل هذا الحكم المنافى بظاهره لحكمة شرع الخمس المنصوص عليها في الأخبار المستفيضة وغيرها من القواعد الشرعية كسلطنة الناس على أمواله وحرمة التصرف فيها من غير رضاهم مع عدم كون هذا الحكم في حد ذاته من الأحكام الشرعية التي قد يقال فيها بجواز العمل بمطلق الظن أو الظن الخاص من مثل هذه الروايات لدليل الانسداد أو غيره مما ذكروه في الأصول بل من قبيل الموضوعات الخارجية التي يتوقف ثبوتها على العلم أو ما قام مقامه من البينة ونحوها فليس هذا التوقيع الا بمنزلة ما لو كان بهذا السند مرويا عن زيد انه وهب جميع ما ملكه لعمرو فكما لم يكن يثبت ذلك على وارثه بمثل هذا الخبر فكذا فيما نحن فيه وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنه لا يصح التعويل على مثل هذه الأخبار الشاذة الغير المعمول بها في منع بني هاشم زاد الله شرفهم عن حقهم الذي جعله الله لهم بنص الكتاب والسنة المتواترة الموقع الثاني مما أشكل الامر فيه في هذا المبحث في متعلق الخمس من هذا القسم فان النصوص وكلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكية لا تخلو عن نوع اختلاف واجمال فعن الخلاف أنه قال يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات والغلات والثمار على اختلاف أجناسها إلى أن قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم وعن الغنية يجب الخمس أيضا في الفاضل عن مؤنة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو غير ذلك من وجوه الاستفادة أي وجه كان بدليل الاجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط انتهى وعن النهاية جميع ما يغنمه الانسان من أرباح التجارات والزراعات وغير ذلك وفي السرائر ويجب الخمس أيضا في أرباح التجارات والمكاسب وفيما يفضل من الغلات والزراعات على اختلاف أجناسها عن مؤنة السنة له ولعياله ثم قال بعد جملة من كلماته وقال بعض أصحابنا ان الميراث والهدية والهبة في الخمس ذكر ذلك أبو الصلاح الحلبي في كتاب الكافي الذي صنفه ولم يذكره أحد من أصحابنا الا المشار إليه ولو كان صحيحا لنقل نقل أمثاله متواترا والأصل براءة الذمة ونشغلها ونعلق عليها شيئا الا بدليل انتهى وفي مجمع البحرين في تفسير الغنيمة نسب إلى فقهاء الإمامية انهم عمموا مسألة الخمس وذكروا ان جميع ما يستفاد من أرباح التجارات الزراعات والصناعات زائدا عن مؤنة السنة ثم عدد بقية الاقسام إلى أن قال يخرج منه الخمس وفي المدارك المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في جميع أنواع التكسب من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدى الميراث والصداق والهبة انتهى ولا يخفى ما في هذا الاستثناء إلى غير ذلك من كلماتهم التي ربما يظهر من بعضها إناطة الحكم بصدق عنوان الاستفادة ومن أغلبها بصدق عنوان التكسب وكان مراد الجميع أو الأغلب على ما يظهر بالتدبر في كلماتهم هو الفوائد الحاصلة من وجوه المعاملات أو من كد يمينه أو من أمواله المعدة للاستفادة بأجرتها أو نمائها من عقارا وحيوان أو غير ذلك فإنها بأسرها من وجوه التكسب وان لا يطلق في بعضها على فاعلها عرفا اسم الكاسب دون ما يدخل في ملكه بغير هذه الأسباب كالإرث والصدقة والصداق والعطية ونحوها فإنه خارج عن موضوع كلماتهم جزما واحتمل شيخنا المرتضى (ره) ارادتهم بالاستفادة والتكسب مطلق ما يملكه ولو بإرث ونحوه مع اعترافه بمخالفته لظاهر عناوينهم نظرا إلى ما في كلمات جملة منهم مما يستشعر منه إرادة الأعم وفيه انه يمتنع عادة إرادة ثبوت الخمس في مثل الإرث والهبة مع عموم الابتلاء بهما وكونهما من اشيع ما يملكه الانسان من غير تصريح به فضلا عن تأديته بمثل هذه العبارة الظاهرة في خلافه كيف ولو كان هذا مرادهم لم يكن وجه يعتد به لحصرهم الخمس في فتاويهم ومعاقدا جماعاتهم المحكية في اقسام معدودة كي يوهم ذلك خلاف مقصودهم بل كيف يحتمل كون كل الأصحاب أو جلهم أو كثير منهم قائلين بثبوت الخمس في الإرث ونحوه ولم يشتهر ذلك بين العوام اشتهار الشمس في أربعة النهار مع عموم الابتلاء به مضافا إلى ما يظهر من الحلى وغيره بل من كل من تعرض له مخالفة القول بثبوت الخمس في الإرث والهبة والصدقة للمشهور بل اختصاص القول به في القدماء بالحلبى نعم ربما مال إليه بعض المتأخرين وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أن كل من كان في مقام بيان متعلق الخمس ولم يصحر بثبوته في الإرث ونحوه هو ممن لا يقول به فلا تغتر بما يوهمه بعض العبائر المشعرة أو الظاهرة في تعلقه بكل ما يستفيده الانسان من أي وجه يكون كعبارة الغنية المتقدمة من إرادة ما يعم الإرث و نحوه
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»